سلسلة القبائل العربية في العراق (13) قبيلة خفاجة
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 1 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
سلسلة القبائل العربية في العراق (13)
قبيلة خفاجة
عبد الهادي الربيعي
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 2 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 3 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
هذا الكتاب خصصناه لقبيلة خفاجة بن عمرو بن عقيل، أحد قبائل مجموعة بني عامر بن صعصعة القيسية العدنانية.
وكان لهذه القبيلة في العراق دور سياسي كبير طيلة خمسة قرون من الزمن. وقد رتبت الكتاب على ستة فصول: الأول منها في نسب القبيلة وبطونها القديمة، والثاني: في أبرز العشائر العراقية المعاصرة المنتمية لخفاجة. أما الثالث فقد تحدثنا فيه عن التاريخ السياسي لإمارات خفاجة في العراق، والفصل الرابع: عن دور السلاجقة في إزالة إمارات القبائل الشيعية، وتناولنا في الخامس أسباب ضعف القبيلة وتشتتها، أما السادس: فذكرنا فيه أبرز أعلام خفاجة.
وأختم هذه الكلمة بتقديم جزيل الشكر وعظيم الامتنان لسماحة العلامة الشيخ علي الكوراني لرعايته لهذا الجهد، كما أشكر فضيلة الدكتور ثامر الخفاجي الذي استفدنا من كتابه الإمارات الخفاجية كثيرا.
عبد الهادي الربيعي /5 - رجب -1433 هـ
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 4 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الفصل الأول: نسب خفاجة
ونبحث فيه:
1- نسب خفاجة
قبيلة خفاجة أحد قبائل بني عامر بن صعصعة الكبيرة، وتعود هذه القبيلة في نسبها الى: خفاجة بن عمرو بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة (جمهرة النسب لابن الكلبي:336 ، جمهرة أنساب العرب لابن حزم:291).
2- خفاجة في اللغة
قيل إن اسمه معاوية، وخفاجة لقب لقَّب به. وقد اختلف في منشأ هذا اللقب، فقال السمعاني في الأنساب: 2/386: ((الخفاجي: هذه النسبة إلى خفاجة، وهي اسم امرأة، هكذا ذكر لي أبو أربد الخفاجي في برية السماوة، وولد لها أولاد وكثروا، وهم يسكنون بنواحي الكوفة، وكان أبو أربد يقول: يركب منا على الخيل أكثر من ثلاثين ألف فارس سوى الركبان والمشاة. ولقيت منهم جماعة كثيرة وصحبتهم)). لكن الظاهر أن اللقب مشتق من كلمة (خفج) وهو: ((عِوَجٌ في الرِّجْلِ؛ خَفِجَ خَفَجاً، وهو أَخْفَجُ. والأَخْفَجُ: الأَعْوَجُ الرِّجْلِ من الرجال.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 5 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
خَفِجَ فلانٌ: إِذا اشتكى ساقيه من التعب. وعَمُودٌ أَخْفَجُ: مُعْوَجُّ... وخَفَاجَةُ، بالفتح: قبيلة، مشتق من ذلك، وهم حيّ من بني عامر)) (لسان العرب:2/226، العين:4/163)، وذكر الزبيدي في تاج العروس:3/347 مثل هذا، وأضاف: ((اسمُ خَفَاجَةَ: مُعَاوِيَةُ: اشْتَهَرَ باللَّقَب، مُشْتَقٌّ من قولهم: غُلاَمٌ خُفَاجٌ، وقال ابن حَبِيب: إِنه طَعَنَ رَجُلاً من اليَمَنِ فَأَخْفَجَه، فلقَّبُوه خَفَاجَة))، لكن ما يبعث على الشك في هذا القول وجود شخصية باسم: معاوية بن خفاجة، إلا أن يقال إن كلا من الأب (خفاجة) والولد، اسمهما معاوية!
3 - بطون خفاجة القديمة
قال ابن الكلبي في جمهرة النسب ص336مختصرا ((ولد عمرو بن عقيل: خفاجة، فولد خفاجة: مالكا وهو الأزهر، وخالدا، وكعبا الأكبر، وعامرا، ومعاوية وهو الأغر، وكعبا ذو القرح، وقيل: إن ذو القرح هو معاوية، وحزن: وكان رئيسا، ولم يكن شاعرا، وهو صاحب وقعة المذيار على بني سليم وهوازن))، ومن بطون خفاجة المشهورة:
1- بنو ثمال: بطن من خفاجة، عهدت إليهم حماية الكوفة وغربي العراق، وهم مؤسسو إمارة خفاجة في الكوفة.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 6 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
2- بنو حزن بن خفاجة بن عمرو بن عقيل: وهو الذي بارز الربيع بن زياد العبسي، فنكص عنه الربيع. (جمهرة النسب:337)
3- بنو حزن بن معاوية بن خفاجة: وهو من فرسان بني خفاجة، فهو قاتل مر اليشكري، وهو الذي أغار على بني جعفي بن سعد فأصاب فيهم، وقتل سبرة بن مويلك وأباه سبرة، وفيه يقول الشاعر:
الى حزن الحزون سمت ركابي * توائل خلفها نسلان جيش
توسط بيته في آل كعب * كبيت بني المغيرة في قريش
(المصدر السابق، وانظر: شرح نهج البلاغة:18/278)
4- خالد: فخذ من خفاجة بن عمرو ابن عقيل بن كعب. (معجم قبائل العرب:1/328)
5- بنو سليم الندى: وهم فخذ من بني حزن بن خفاجة، من ولده القحيف الشاعر. (اللباب في تهذيب الأنساب:1/363)
6- عامر: بطن من خفاجة بن عمرو بن عقيل، منهم: حنش بن عامر بن خفاجة، كان فارسا. (جمهرة النسب:337)
7- عمرو: بطن من خفاجة بن عمرو ابن عقيل. (معجم قبائل العرب:2/828)
8- بنو عوف بن حزن: منهم: عبد الله بن عوف بن حزن بن خفاجة، وله يقول المرار الفقعسي:
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 7 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ترى فصلانه في الورد هزلى * وتسمن في المقاري والجبال
ومن ولده القحيف بن خمير الشاعر. (جمهرة النسب:338)
9- كعب الأصغر: فخذ من خفاجة ابن عمرو. (معجم قبائل العرب:3/985)
10- كعب ذو النويرة: فخذ من خفاجة بن عمرو، والنويرة لقب كعب بن خفاجة بن عمرو. (المصدر السابق:3/1203)
11- بنو كليب بن خفاجة: منهم الأشهب بن عبد الله الشاعر.
12- مالك: فخذ من خفاجة بن عمرو. (المصدر السابق:3/1027)
13- معاوية ذو القرح: فخذ من خفاجة بن عمرو. (المصدر السابق:3/1119) منهم: عبد العزيز بن قيس بن حزن رئيس أهل العالية في البصرة -وهي خطة من خطط البصرة-، ومنهم: الرحال بن عزرة الشاعر. (جمهرة النسب:338)
14- الهيثم: بطن من خفاجة بن عمرو. (المصدر السابق:3/1237)
15- الوازع: بطن خفاجة بن عمرو بن عقيل. (المصدر السابق:3/1241)
16- يزيد بن عبد الله : بطن من خفاجة، وهم بنو يزيد بن عبد الله بن يزيد بن قيس بن حوثة بن طهفة بن حزن ابن خفاجة. (المصدر السابق:3/1264)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 8 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
4- منازل بني خفاجة
تركزت منازل خفاجة في الجزيرة العربية في موضعين، الأول: ذو الحليفة، وهو ((ماءة بين بني جشم بن بكر بن هوازن، وبين بني خفاجة العقيليين، رهط توبة، بينه وبين المدينة ستة أميال، وقيل سبعة، كان منزل رسول الله صلى الله عليه وآله إذا خرج من المدينة لحج أو عمرة؛ ينزل تحت شجرة في موضع المسجد، الذي بذي الحليفة اليوم)) (معجم ما استعجم:2/464، معجم البلدان:2/296).
أما الثاني: ففي واديي بيشه وزينة قرب اليمن، قال ياقوت الحموي:3/165: ((جميع خفاجة يجتمعون ببيشة وزينة، وهما واديان، أما بيشة فتصب من اليمن، وأما زينة فتصب من السراة، سراة تهامة))، ومن أشهر المواضع في بلادهم:
1- أورال: وهي أجبل ثلاثة سود في جوف الرمل، الواحد ورل، فيقال: الورل الأيمن والورل الأيسر والورل الأوسط، وحذاهن ماءة لبني عبد الله ابن دارم...وكان يسكنها بنو خفاجة بن عمرو بن عقيل. (معجم البلدان:1/278)
2- سرو لبن: والسرو من الجبل: ما ارتفع عن مجرى السيل وانحدر عن غلظ الجبل، والسروات في بلاد العرب عدة منها سرو
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 9 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
لبن (المصدر السابق:3/217)، وهو جبل في أرض اليمامة (المصدر السابق:5/12)، وفي معجم ما استعجم:3/736: ((سرو لبن جبل، وهو السرو من ديار بني خفاجة، ثم من بني عقيل)).
3- شرائن: وهو موضع في ديار بني خفاجة (المصدر السابق:3/788)
ويبدو أنهم تقدموا نحو الشمال الشرقي، فيما كان يعرف بالبحرين سابقا (الأحساء حاليا) بعد الفتوحات الإسلامية، حيث هاجرت القبائل التي كانت تسكن هناك كتميم وبكر بن وائل وعبد القيس الى العراق، فورثت خفاجة وعقيل عموما بلادهم، قال ابن خلدون في تاريخه:ج2 ق1 ص312، متحدثا عن منازل تميم في البحرين وشرق الجزيرة: ((كانت منازلهم (تميم) بأرض نجد، دائرة من هنالك على البصرة واليمامة، حتى يتصلوا بالبحرين، وانتشرت إلى العذيب من أرض الكوفة، ثم تفرقوا في الحواضر، وورث منازلهم الحيان العظيمان بالمشرق غزية من طيء، وخفاجة من بني عقيل بن كعب)).
ثم تقدموا شمالا فنزلوا صحراء السماوة كما نقلنا ذلك عن السمعاني، ثم عبروا الفرات الى أواسط العراق والجزيرة، قال ابن خلدون في تاريخه ج2 ق1 ص313: ((ومن بني عقيل بن كعب،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 10 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
خفاجة بن عمرو بن عقيل، وانتقلوا في قرب من هذه العصور إلى العراق والجزيرة، ولهم ببادية العراق دولة))، وقال أيضا:6/12: ((وكان من بني عقيل: خفاجة بن عمر بن عقيل، كان انتقالهم إلى العراق فأقاموا به وملكوا ضواحيه، وكانت لهم مقامات وذكر، وهم أصحاب صولة وكثرة، وهم الآن ما بين دجلة والفرات)).
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 11 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الفصل الثاني : بطون خفاجة في العراق
اعتمدنا في هذا الفصل على ما كتبه الدكتور ثامر كاظم الخفاجي في كتابه (الإمارات الخفاجية في العراق) ص199 وما بعدها مراعيا الاختصار فيما نقلناه عنه، والعهدة عليه في رد الفروع الى الأصول، قال: ((تعد عشيرة خفاجة من العشائر العراقية الشهيرة، وهي من أكبر العشائر التي سكنت محافظتيّ بابل وذي قار، فقد توطنّت هذه العشيرة في هذين المكانين منذ عهد طويل يربو إلى سبعة قرون أو أكثر من ذلك، ثم تفرّقت إلى المحافظات الأخرى، أمّا بسبب قلة الموارد المائية، أو للبحث عن حياة جديدة في أماكن أخرى كالتجارة أو الزراعة وغير ذلك، وعشيرة خفاجة في الحلّة أخوة وينتسبون إلى جد واحد، وتنقسم هذه العشيرة إلى عدّة فروع منها:
1- خفاجة الحلة: يسكنون المجرية، وهي: مقاطعة لخفاجة ونهرها منشعب من نهر الحلّة، وراك سويلم، ومن فرقهم:
1- البو خليل: ويعد هذا الفرع هم الرؤساء لخفاجة، ومن
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 12 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
فروعها: أ- الطرفة، ومنهم شيخ خفاجة العام. ب- ألبو حسين، ويسكنون الحكانية. ت- ألبو عبد، ويسكنون الرارنجية. ث- الثنوان، ويسكنون الهميسانية. ج- الغفيلة. ح- الگوام، ويسكنون قرية الحرملة. خ- الماجد، ويسكنون الحكانية. د- المشعان، ويسكنون الرارنجية، وفرع آخر لم يذكر اسمه يسكنون الحكانية.
2- آل زور: ومن فروعهم: أ- ألبو حسن. ب- ألبو شنان. ت- المشلح. ث- الشحيل. ج- الغناية.
3- آل عجمي: ويسكنون على مفرق طريق الديوانية بالجازرية في نهر الشاه (المجرية) ويتفرعون الى:
أ- العمر. ب- الحمادة. ت- الحضان. ث- ألبو حسين. ج- المساعد. ح- الخفيف. خ- الشحيل.
ومن فروع عشيرة آل العجمي، عشيرة الترابيين التي تسكن في قضاء الإسكندرية:
وهذه العشيرة هي إحدى عشائر خفاجة التي توطنت في قضاء الإسكندرية من محافظة بابل، وفيها عدّة أفخاذ، منها:
أ- القرابجة. ب- المعامير. ت- ألبو سهيل. ث- الدناورة. ج-
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 13 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الجدادحة. خ- ألبو حربية. د- الملا حسين.
4 - الصلخة: ويسكنون قرب الويسية وراك سويلم، ويقال أنّ أصل هذه العشيرة من شمر الطائية القحطانية، بينما يقول البعض الآخر إنّهم من بني الصليخي الذين يرجعون إلى عشائر همدان العربية، وقد نزحت هذه العشيرة من موطنها الأصلي الجزيرة العربية وتوطنت في محافظة بابل قرب خفاجة، وتحالفت معها وأصبحت بمرور الزمن جزاءاً منها، وأوّل من سكن هذه المنطقة معلى جبارة، وفروعهم: أ- الشريف. ب- الحلفة. ت- الحماد. ث -ألبو فروخ. ج- ألبو خليف
5- الجدوع: تسكن هذه العشيرة الكفل، وفروعهم:
أ-البو حُسين، ويتفرعون إلى:1- البو بطي، 2- البو رفيش، 3- البو فياض.
ب- البو زيارة، ويتفرعون إلى: 1- البو الأديب، 2- البو حمودي، 3- البو خرس، 4- البو راضي، 5- البو عبد العالي، 6- البو فليح.
ت- البو عبيد، ويتفرعون إلى:1- البو حسوني، 2- البو علوش موسى.3- البو موسى، 4- البو ناصر. ث- البو علوش
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 14 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
6- اللوبة: ويسكنون النجف، وبعضهم في الديوانية.
7- آل خنيفر: ويتفرعون الى: أ- آل رشيد. ب- النجم. ت- آل عبدالله. ث- آل حمود. ج- البو عباس. ح- المجاحيل. د- البو عبيد. وهؤلاء غير المذكورين في آل زور.
8- هوى الشام: ويسكنون نهر الشاه، والمچرية. 9- آل متيج. 10- الهيال. 11- الرفيعات. 12 - ألبو سرية، ومنهم: الدراج، والسفافحة، والعبيد.13- الخنان. 14- الدغافل. 15- المراشدة. 16- كعب. 17- المعتوق: وهي من العشائر المشهور في محافظة بابل والتي تسكن منطقة الطهمازية، وهي منطقة زراعية مشهورة، ومن فروعهم: أ- آل دهش. ب - ألبو ثابت. ت - ألبو حاج خليل. ث - ألبو شيخ حسين. ج - ألبو يوسف. ح - ألبو عبد العلوان.
ومن خفاجة في المحاويل والصويرة: أسماء كثيرة في المشجر وتسكن في قضاء المحاويل، وناحية الصويرة، ومنهم: كوم مفيلح بن مصلح بن مُحمّد بن خضر بن هزالع، وهو الأب الأوّل لهذا الفخذ والتي تسكن في الصويرة، وصالح ومطلق وأولادهم في المحاويل والذي يرجع نسبهم إلى برصم من الأمير عمران بن شاهين من آل
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 15 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
قحيف الشاعر.
ومن خفاجة في المسيب، وهم سكان الإسكندرية، وقد سكنوها منذ زمن بعيد ويطلق عليهم سلف خفاجة، منهم: الترابيون: ويسكنون في الجفجافة من أراضى المسيب التابعة للإسكندرية، ومنهم من سكن في بغداد والموصل والدجيل وبلد وهم ستة أفخاذ: الفرايجة، المناورة، البو سهل، المعامير، الحداحدة، البو حريبة.
وهناك بيوتات وأسر من خفاجة تسكن الحلة منها: أ- أسرة أسطة جابر الخفاجي، ومعهم أسرة أخرى من أبناء عمومتهم. ب- أسرة آل بيعي. ت- أسرة آل جبار الخفاجي. ث- آل الرهيمي. ج- آل السعيد. ح- آل الصفار. خ- أسرة آل ظاهر الصفار. د- آل عبد الأخوة. ذ- آل عجام. ر- آل العكام. ز- آل اللبان. س- آل عگيب.
2- عشائر خفاجة في الناصرية: تعد عشيرة خفاجة في الناصرية من بعد عشائر خفاجة في الحلّة من حيث الكثرة، وقد نزحت هذه العشيرة من الجزيرة الفراتية، وقصدت محافظة واسط وسكنت منطقة التساعين، ثم انتقلت إلى ديارهم في الغراف في حدود القرن الثامن عشر الميلادي، وهذه العشائر لها فروع كثيرة في الناصرية، وفي كل
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 16 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
أقضية ونواحي الناصرية، ومن هذه العشائر:
1- عشيرة آل عبد السيد، ويسكنون الغراف، وتتألف هذه العشيرة من أفخاذ، وهم: أ- آل ناصر. ب- آل شراد. ت- آل صليبي. ث- آل حرامي.
2- عشيرة آل عصيدة: ومن أفخاذها: أ- آل عصيدة. ب- الكولبة. ت- المسعود. ث- ألبو شهيب. ج- الهدابية.
3- عشيرة الطلاحبة: وتتألف من الأفخاذ التالية: أ- آل منهل. ب- آل عبد الله. ت- آل سلامة. ث- آل شاتي. ج- آل منديل. ح- آل هجول. خ- آل نعيمة. د- آل عفن.
4- عشيرة آل العلوي: وتتكون من الأفخاذ التالية: أ- الطربوش. ب- الشجان. ت- آل شلوك. ث- آل خنجر. ج- الزيادات.
5 - آل سعيد: وتتكون من: أ- آل عويد. ب- آل الروضان. ت- آل عصيدة. ث- المشاخيل.
6- البو شهاب. 7- آل شمخي.8- آل سالم. 9- التريميون. 10- آل عبيد. 11- آل عيّة (عجة).12- آل سمسم.14- المراونة. وقسمهم بتقسيم آخر بحسب الأسلاف أعرضنا عنه خشية الإطالة.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 17 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
3- خفاجة النجف: ومن أشهر الأسر الخفاجية التي سكنت النجف: 1- آل إبراهيم: وهم من فخذ الخنان، وكانوا يسكنون في منطقة المجرية الواقعة بين الكفل والحلّة. 2- آل البستاني: ويعود نسب هذه العشيرة إلى جدّهم (امجدي) والذي كان يسكن في مدينة الحلّة الفيحاء بين قضاء الكفل ومنطقة المجرية في الحلّة، وقد هاجر إلى النجف الأشرف في القرن الحادي عشر. أقول: منهم صديقنا المرحوم الدكتور محمود البستاني. 3- آل البرشاوي: وهم من رؤساء الرماحية الغربية. 4- آل بشيبش: تنسب هذه إلى خفاجة وكانوا يعرفون سابقاً بآلبو أخرس نسبة إلى جدهم الحاج جواد الأخرس. 5- آل البناء: نسبة الى جدهم الذي كان معمارا. 6- آل تراب وآل النجار: تنسب هذه الأسرتان إلى خفاجة من فرع الترابيين في الإسكندرية، وهاجروا من الطهمازية والمجرية إلى النجف في القرن الثالث عشر الهجري. 7- آل ثنوان: وهي من العشائر الخفاجية التي تنتمي إلى إحدى عشائر البو خليل في مدينة الحلّة، ويسكنون مقاطعة الهميسانية، وسكن قسم من آل ثنوان النجف في القرن الرابع عشر الهجري في محلّة العمارة وبعضهم سكن في الكوفة. 8- آل جاسم: ينسبون آل جاسم أو آل
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 18 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بربوق كما يلقبون في بعض الأحيان، ويرجعون إلى آل صالح الخفاجي فرع خفاجة الرارنجية، هاجر جدّهم إلى النجف في القرن الثاني عشر الهجري. 9- آل الجبَّان: أسرة عربية تنسب إلى عشيرة خفاجة من فرع الترابيين في الإسكندرية وقد سكنت الحلّة والنجف وبغداد والحمزة. 10- آل جفيل: ويسكنون الكوفة. 11- آل الحساني. 12- آل الحصيري: منهم الشاعر عبد الأمير الحصيري. 13- آل الحويزي: سكنوا النجف في القرن الثاني عشر. 14- آل خلف. 15- آل الخميسي. 16- آل الخياط. 17- آل دعيبل: سكن آل دعيبل النجف في القرن الحادي عشر الهجري في محلّة البراق، وهي من الأسر العلمية، كان لها دور كبير في ثورة 1917، حيث برز منهم: مجيد مهدي دعيبل الذي أعدمته سلطات الاحتلال الانكليزي عام 1917م. 18- آل زور: سكن آل زور في الكوفة، وأصبح قسم منهم سدنة في مسجد السهلة. 19- آل سدر. 20- بيت شاهين. 21- بيت شلاش. 22- آل صالح نعمة. 23- آل ضامن. 24- آل الغنياوي. 25- آل القسام 26- آل الليباوي. 27- آل المجدم. 28- آل المختار. 29- آل مطر، وهم عدة أفخاذ. وهناك من خفاجة في الشنافية، مثل:
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 19 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
آل سلامة، وآل سبتي، وآل خويرة، وآل گريطي، وآل عجيل.
4- خفاجة الديوانية: والمشهور أنّهم بقايا قبيلة خفاجة الكوفة، تقع منازلهم من الفرات بين الشنافية والسماوة وأرضهم تسمى كركاشة، وهي أراضي مدورة الشكل تقع مما يلي نهر (أبو رقوش)، وهم نفس العشائر الأربع الأخيرة إضافة الى: آل كعد، وآل وادي.
5- خفاجة كربلاء: ومن أكبر عشائرهم: البهادل: كانوا يسكنون هور عقرقوف فى أنحاء الكاظمية، ثم نزحوا إلى العمارة، وقسم منهم في خوزستان، وجنوب شرقي كربلاء، ويتفرعون إلى: 1- الجغانمة: وفروعهم: أ- البو ثنوان.ب- بيت بايش.ت- بيت مغنم.
2- البو حبيب: وفروعهم: أ- نفس البو حبيب. ب- البو سعد.ت- بيت برشي.
3- الشهابات: وفروعهم: أ- بيت سفافة. ب- البو عبد.ت- البو نصر، ومن الأسر الخفاجية في كربلاء: آل الأنصاري، آل البارودي، آل برصم، آل بزركان، آل تركي، آل التريري، آل جزيرة، آل الحافظ، آل الحلي، آل ملا علي، الزعابة، آل فارس، آل قاو من العزبة، آل كشمش، آل كشكول، آل المكسرچي، وهناك بيوتات كثيرة في كربلاء
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 20 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
تعود في أصلها الى خفاجة الطهمازية.
5- خفاجة ديالى: ومن فروع هذه العشيرة: آل بو حمد، آل بو عباس، آل رمان، آل حمود، آل عتية، آل حمادي، آل روضان، آل فرج، آل بندر.
6- خفاجة البصرة: هناك عوائل من الأسلاف الرئيسية في محافظة ذي قار تسكن محافظة البصرة، وسبب النزوح هو كسب العيش والعمل الوظيفي.
7- خفاجة بغداد: هؤلاء خفاجيون هاجروا من المحافظات الأخرى الى العاصمة.
8- خفاجة الموصل: ويطلق عليهم (المعتوك)، وقد توزعت مساكنهم في أرياف محافظة نينوى، وفي داخل المحافظة (ناحية الكيارة، قرية أركبة الشرقي، وقرية أركبة الغربي، والجحلة، وقضاء تلكيف، وناحية النمرود، قرية العدلة، ومنطقة الكسك، قرية حلبية، وناحية ربيعة) وفيما يلي أفخاذهم:
فخذ آل مطرود، آل موسى، آل عمر، آل أيوب، آل سرحان، آل فتحي (كوم الملهوف )، الشويخ، العبيد، الحمادة، كوم العلي الحسن،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 21 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الرفاعي، الدرويش، الخليل، البو كلوب حلبية، كوم المطر، الشهابات،العمر، النجم، عمر العلي البركات.
وهناك من خفاجة في قضاء الحويجة في كركوك، ومنهم في منطقة جبة في الأنبار.
ومن خفاجة من يسكنون مدن وقرى مقاطعة الأهواز في إيران، وثمة مدينة كبيرة على نهر الكرخة تعرف بالخفاجية نسبة الى خفاجة، كما ينتشرون في أراضي الحويزة والبسيتين، والمحمرة وعبادان (أنساب القبائل العربية في خوزستان:السبهاني:146)، وقد ساعدت خفاجة في القرن التاسع الهجري السيد محمد بن فلاح على تأسيس الإمارة المشعشعية (القبائل والعشائر العربية في خوزستان: يوسف عزيزي:45)، ولهذا السبب سكنت فرق منهم تلك المنطقة التي سميت باسمهم (الخفاجية).
ومن فروع خفاجة في الأهواز: آل عويد، وآل عصيدة، وآل زيادات، الطلاحية، والشكوك، وآل رقية، وألبو شهاب، والطوينات، وآل شمخي، وألبو حية، والسوالم، وشكان، والمشاخيل، والمراونة، وبنو ركاب، وآل حكيم، وآل فرهود، وآل عمر، والديلة، وآل مسلم، وآل عرير. (أنساب القبائل: السبهاني:147)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 22 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وتتوزع بطون وأفخاذ من خفاجة في بعض الدول العربية الأخرى كالشام لا سيما في سوريا وخصوصا في حلب حيث برز منهم علماء وشعراء كابن سنان الخفاجي وغيره، وسكنت طوائف منهم مصر في منطقة البحيرة هاجروا إليها أوائل القرن الخامس الهجري مع بني هلال، ومن أبرز الشخصيات العلمية من خفاجة في مصر :الشهاب الخفاجي، والدكتور محمد عبد المنعم الخفاجي، وثمة بطون منهم في السعودية.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 23 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الفصل الثالث : موجز لتاريخ خفاجة
لا تعد قبيلة خفاجة من القبائل القديمة، بل يقترب تاريخ نشأتها من البعثة النبوية الشريفة، فخفاجة الجد الأعلى للقبيلة هو جد الصحابي الربيع بن معاوية بن خفاجة الذي وفد على النبي صلى الله عليه وآله ، بل أدرك كعب بن خفاجة النبي صلى الله عليه وآله ولم يفد عليه وربما لكبر سنه، وعليه: يكون مولد خفاجة الجد الأعلى للقبيلة قبل قرن من الهجرة النبوية الشريفة على أكثر تقدير، ومن هنا ليس للقبيلة تاريخ طويل في العصر الجاهلي، سوى بعض النصوص التي تشير الى خوض أبناء خفاجة غمار الحروب على عادة العرب الجاهليين مشاركة لقومهم بني عامر بن صعصعة، ومن تلك الوقائع ما ذكره الأصفهاني في الأغاني:11 /101 عن يوم شعب جبلة، قال: ((وحمل معاوية بن يزيد الفزاري فأخذ كبشة بنت الحجّاج بن معاوية بن قشير، وكانت عند مالك بن خفاجة بن عمرو بن عقيل، فحمل معاوية بن خفاجة أخو مالك على معاوية بن يزيد فقتله، واستنقذ كبشة)).
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 24 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وقال في أخبار المخبل السعدي:13/134: ((أخذ بنو حازم جارا لبني قشير -وهو قشير ابن كعب بن ربيعة، أخو عقيل جد خفاجة، وبنو حازم بطن من قشير- ، وأغار عليه المنتشر بن وهب الباهلي، فأخذ إبله، فسأل -جار بني قشير- في بني تميم حتى انتهى إلى المخبل، فلما سأله قال له: إن شئت فاعترض إبلي فخذ خيرها ناقة، وإن شئت سعيت لك في إبلك. فقال: بل إبلي. فقال المخبل:
إنّ قشيرا من لقاح ابن حازم * كراحضة حيضا وليست بطاهر
فلا يأكلها الباهليّ وتقعدوا * لدى غرض أرميكم بالنواقر
فلما بلغهم قول المخبل سعوا بإبله، فردّها عليهم حزن بن معاوية بن خفاجة بن عقيل، فقال المخبل في ذلك:
تدارك حزن بالقنا آل عامر * قفا حضن والكرّ بالخيل أعسر
فإنّي بذا الجار الخفاجيّ واثق * وقلبي من الجار العباديّ أوجر
لعمري لقد خارت خفاجة عامــــرا * كما خير بيت بالعراق المشقّر))إسلام خفاجة
إسلام خفاجة
أسلم الخفاجيون مع القبيلة الأم عقيل بن كعب، وأرسلوا وفدا الى النبي صلى الله عليه وآله في عام الوفود، وقد ضم الوفد ثلاثة من رجالاتهم: الربيع بن معاوية بن خفاجة ممثلا لعشيرة خفاجة، وأنس بن قيس بن
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 25 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
المنتفق ممثلا لبني المنتفق، ومطرف بن عبد الله بن الأعلم ممثلا لسائر بني عقيل، قال ابن سعد في الطبقات:3/301: ((فبايعوا وأسلموا، وبايعوه على من وراءهم من قومهم فأعطاهم النبي صلى الله عليه وآله العقيق، عقيق بني عقيل وهي أرض فيها عيون ونخل. وكتب لهم بذلك كتابا في أديم أحمر "بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما أعطى محمد رسول الله صلى الله عليه وآله ربيعا، ومطرفا، وأنسا، أعطاهم العقيق ما أقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وسمعوا وأطاعوا")).
ولم أعثر على دور لخفاجة أو أحد من بني خفاجة في حروب الفتوح الإسلامية، ولا فيما تلاها من حروب، ويبدو أنهم كانوا بعيدين عن ساحة الأحداث السياسية في القرون الثلاثة الأولى، لكنهم نزحوا فيما بعد الى العراق مع سائر بني عقيل في بدايات القرن الرابع الهجري. (انظر: قبيلة عقيل من هذه السلسلة ص11 وما بعدها).
وبالرغم من أن هجرتهم الى العراق كانت متأخرة، وبالرغم من كل ما كتبه التاريخ عن قبيلة خفاجة وبغض النظر عن كونه حقا أو باطلا، إلا أن ما لا يقبل الشك هو شدة ولاء هذه القبيلة وتمسكها بحبل آل البيت النبوي الطاهر، ولعلهم تأثروا في ولائهم هذا
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 26 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
باتجاهات أبناء شرق الجزيرة العربية -ربيعة وعبد القيس وبني عامر عموما- في موالاتهم لآل البيت النبوي صلى الله عليه وآله والدفاع عن قضاياهم، بل عرف الخفاجيون على وجه الخصوص بالصلابة في محبة أمير المؤمنين صلى الله عليه وآله وذريته الطاهرة كما تشهد بذلك الصور التالية:
صور من ولاء بني خفاجة
1- استنجاد آل أبي طالب بخفاجة:
آل أبي طالب وهم السادة من ذرية أمير المؤمنين عليه السلام ، وأخويه جعفر وعقيل، وكانوا يسكنون الكوفة، فأرسل القادر العباسي جيشا لاستئصالهم، فاستنجدوا بخفاجة وطلبوا حمايتهم، قال القطب الراوندي في الخرائج والجرائح:1/221: ((كانت الفتنة قائمة بين العباسيين والطالبيين بالكوفة سنة 415 هـ ، حتى قتل سبعة عشر رجلا عباسيا، وغضب الخليفة القادر، واستنهض الملك مشرف الدولة أبا علي حتى يسير إلى الكوفة ويستأصل من بها من الطالبيين، ويفعل كذا وكذا بهم وبنسائهم وبناتهم، وكتب من بغداد هذا الخبر على طيور إليهم، وعرفوهم ما قال القادر، ففزعوا من ذلك -أي الطالبيون- وتعلقوا ببني خفاجة....
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 27 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وسقط الطائر بكتاب من بغداد بأن الملك مشرف الدولة بات عازما على المسير إلى الكوفة، فلما انتصف الليل مات فجأة وتفرقت العساكر)).
2- خفاجي يسمي كل أولاده باسم أمير المؤمنين:
قال الزمخشري في ربيع الأبرار:2/475: ((كان في رفقتي أعرابي بطريق مكة فصيح اللسان من خفاجة، اسمه مرشد بن معضاد كنت استدنيه لأسمع منه، فرأيته يوما حانا إلى ولده، فسألته عن أسمائهم، فقال: علي، وعلي، وعلوان. ثم قال: وأنى لنا عن أبي تراب)).
3- خفاجي يزور أمير المؤمنين على خوف ويستنجد به:
وروى السيد بن طاووس في فرحة الغري ص172، قال: ((في سنة خمس وسبعين وخمسمائة كان الأمير مجاهد الدين سنقر الاس، مقطع الكوفة -في البحار: شحنة الكوفة، وهو يعني مدير الشرطة في عصرنا، وكان السلاجقة هم المسيطرون على العراق يومذاك-، وقد وقع بينه وبين بني خفاجة شيء، فما كان أحد منهم يأتي إلى المشهد ولا غيره إلا وله طليعة -من يستكشف له الطريق خوفا من سنقر-، فأتى فارسان فدخل أحدهما وبقي الآخر طليعة، فخرج سنقر من مطلع الرهيمي وأتى مع السور، فلما بصر به الفارس نادى بصاحبه: جاءت العجم، وتحته سابق من الخيل، فأفلت، ومنعوا الآخر أن يخرج من الباب -باب السور-، واقتحموا وراءه فدخل راكبا،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 28 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ثم نزل عن فرسه قدام باب السلام الكبير البراني، فمضت الفرس فدخلت في باب ابن عبد الحميد النقيب ابن أسامة، ودخل البدوي (الخفاجي) ووقف على الضريح الشريف. فقال سنقر: ائتوني به. فجأت المماليك يجذبونه من على الضريح الشريف، وقد لزم البدوي برمانة الضريح، وقال: يا أبا الحسن، أنا عربي وأنت عربي، وعادة العرب الدخول، وقد دخلت عليك، لا يا أبا الحسن دخيلك، دخيلك، وهم يكفون أصابعه من على الرمانة، وهو ينادي ويقول: لا تخفر ذمامك يا أبا الحسن.
فأخذوه ومضوا فأراد سنقر ان يقتله، فقطع الخفاجي على نفسه مائتي دينار وحصانا من الخيل المذكورة -أي تعهد الخفاجي أن يدفع هذا المبلغ وفرسا مقابل إطلاق سراحه-، فكفله ابن بطن الحق على ذلك، ومضى ابن بطن الحق يأتي بالفرس والمال، وقال ابن طحال -راوي القصة وكان من سدنة الروضة الحيدرية المطهرة-: فلما كان الليل وانا نائم مع والدي محمد بن طحال بالحضرة الشريفة، فإذا بالباب تطرق، فنهض والدي وفتح الباب، وإذا أبو البقاء بن الشيرجي السوراوي والبدوي معه، وعليه جبة حمراء وعمامة زرقا، ومملوك على رأسه منشفة مكورة يحملها، فدخلوا القبة الشريفة حين فتحت ووقفوا قدام الشباك، وقال: يا أمير المؤمنين، عبدك سنقر يسلم عليك، ويقول لك: إلى الله وإليك يا أمير المؤمنين
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 29 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
المعذرة والتوبة، وهذا دخيلك، وهذا كفارة ما صنعت.
فقال له والدي: ما سبب هذا؟ قال: إنه رأى أمير المؤمنين في منامه وبيده حربة، وهو يقول: والله لئن لم تخل سبيل دخيلي لأنتزعن نفسك بهذه الحربة، وقد خلع عليه وأرسله ومعه خمسة عشر رطلا فضة، بعيني رأيتها وهي: سروج وكيزان ورؤوس أعلام، وصفائح فضة، فعملت ثلاث طاسات على الضريح الشريف، ولا زالت إلى أن سبكت في هذه الحلية التي عليه الان، واما ابن بطن الحق، فرأى أمير المؤمنين عليه السلام في منامه، وهو يقول له: ارجع إلى سنقر فقد خلى سبيل البدوي الذي كان قد أخذه، فرجع إلى المشهد الشريف وأجتمع بالأسير المطلق)).
4- الأمير عمران بن شاهين وولاؤه لأمير المؤمنين:
وروى أيضا في ص168: ((أن عمران بن شاهين من أمراء أهل العراق، عصى على عضد الدولة (البويهي)، فطلبه طلبا حثيثا فهرب منه إلى المشهد متخفيا، فرأى أميرالمؤمنين عليه السلام في منامه، وهو يقول له: يا عمران، إن في غد يأتي فناخسرو إلى هاهنا، فيخرجون من بهذا المكان، فتقف أنت هاهنا وأشار إلى زاوية من زوايا القبة فإنهم لا يرونك، فسيدخل ويزور ويصلي ويبتهل بالدعاء والقسم بمحمد وآله أن يظفره بك، فادن منه، وقل له أيها الملك: من هذا الذي قد ألححت
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 30 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بالقسم بمحمد وآله ان يظفرك الله به؟ فسيقول: رجل شق عصاي ونازعني في ملكي وسلطاني. فقل له: ما لمن يظفرك به؟ سيقول: إن حتم علي بالعفو عنه عفوت عنه، فأعلمه بنفسك فإنك تجد منه ما تريد، فكان كما قال له، فقال له: انا عمران بن شاهين. قال: من أوقفك ها هنا؟ قال له: هذا مولانا قال لي في منامي غدا يحضر فناخسرو إلى هاهنا وأعاد عليه القول.
فقال له: بحقه قال لك فناخسرو! قلت: أي وحقه. فقال عضد الدولة: ما عرف أحد ان اسمي فناخسرو إلا أمي والقابلة وأنا، ثم خلع عليه خلع الوزارة، وطلع من بين يديه إلى الكوفة.
وكان عمران بن شاهين قد نذر أنه متى عفا عنه عضد الدولة أتى إلى زيارة أمير المؤمنين عليه السلام حافيا حاسرا، فلما جنَّه الليل خرج من الكوفة وحده... فلما وصل وقع على القبة يقبلها. قال السيد أقول: وبنى الرواق المعروف برواق عمران في المشهدين الشريفين الغروي والحائري على مشرفهما السلام.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 31 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الفصل الرابع : إمارات خفاجة في العراق
1 - إمارة البطيحة
تحمل مياه دجلة والفرات كميات كبيرة من الطمي والغرين من المناطق المرتفعة وتنقلها الى المناطق المنخفضة جنوب العراق، وبالنظر الى بطئ جريان المياه في الجنوب يرتفع مستوى القاع في مجاري المياه، وسرعان ما تنمو الحشائش والأدغال فتتماسك التربة لتكون جزر صغيرة متفرقة تملؤها الآجام والقصب، كان يعبر عن الواحدة منها بطيحة والجمع بطائح، قال الحموي في معجم البلدان:1/450: ((والبطيحة والبطحاء واحد، وتبطح السيل إذا اتسع في الأرض، وبذلك سميت بطائح واسط لان المياه تبطحت فيها، أي سالت واتسعت في الأرض: وهي أرض واسعة بين واسط والبصرة))
وفي هذا المكان تأسست إمارة خفاجة الأولى، أسسها رجل من أهل الجامدة، وهي بلدة قرب الكوت يدعى عمران بن شاهين.
ولم أعثر على من نسب عمران بن شاهين الى قبيلة خفاجة من
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 32 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
المؤرخين القدماء، بل عرفه القاضي التنوخي في الفرج بعد الشدة:2/344، بأنه ابن عبد حسنويه بن الحسن الكردي، أحد قادة الجيوش زمن الدولة البويهية. لكن المؤرخين المتأخرين كالنبهاني في التحفة النبهانية ص310، وفي تاريخ الناصرية ص79، والدكتور ثامر الخفاجي في كتابه إمارات خفاجة ص81 نسبوه الى خفاجة، وأرسلوا ذلك إرسال المسلمات.
مختصر تاريخ إمارة البطيحة
وننقل التاريخ السياسي لهذه الإمارة مختصرا عن مسكوية في تجارب الأمم:6/151 وما بعدها، قال: ((كان عمران بن شاهين من أهل الجامدة فجنى جناية، فهرب إلى البطيحة من سلطان الناحية، فأقام بين القصب والآجام واقتصر على ما يصيده من السمك قوتا، وعرف خبره جماعة من صيادي السمك فاجتمعوا اليه، مع جماعة من المتلصصة هناك حتى حمى جانبه من السلطان. فما زال يجمع الرجال إلى أن كثر أصحابه وقوي فغلب على تلك النواحي..فأرسل عماد الدولة علي بن بويه وزيره الصيمري لمقاتلته، فجرت بينهم وقعات، واستأسر فيها الصيمري أهل عمران وعياله وهرب هو واستتر، ثم
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 33 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
اضطربت أحوال البويهيين بموت علي بن بويه، فانسحبت جيوشهم الى شيراز.
ولما استتبت أوضاع البويهيين في شيراز وولي معز الدولة عاد الصيمري لمقاتلة عمران، لكنه أصيب بحمى فمات بها، وعين البويهيون الحسن بن محمد المهلبي بدلا عنه، فجرد المهلبي سنة 339 هـ حملة لمقاتلة عمران ومعه روزبهان أحد قادة الجيش، فبنى روزبهان آلات الماء وأثبت الرجال واحتشد، فطاوله عمران وتحصن في مكامنه من البطائح، فضجر روزبهان وأقدم عليه طلبا لمناجزته، فاستظهر عليه عمران وهزمه وهزم أصحابه، وغنم جميع آلاته وسلاحه فقوى بها.
فكتب معز الدولة البويهي الى المهلبي يحثه على مقاتلة عمران وجهزه بجيش جرارة، وحمل إليه سلاحا كثيرا وأطلق يده في إنفاق الأموال، فزحف إلى عمران وسدّ عليه الطرق، وانتهى إلى مضيق في البطيحة لا يعرف مسالكه إلَّا عمران وأصحابه، واقتحم المهلبي عليه، وكان عمران قد وضع الكمائن، فخرجوا على العساكر وهم متزاحمون في طرق الماء لا يعرفون مسالكها، فوضع أصحاب عمران فيهم
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 34 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الحراب، فقتلوا وأسروا وهرب روزبهان وأصحابه، ونجا الوزير المهلَّبى سباحة ووقع القوّاد والوجوه في الأسر، فاضطر البويهيون سنة 340 هـ إلى مصالحة عمران بن شاهين، فتم الصلح بين معز الدولة وبين عمران بن شاهين، وقلَّده معز الدولة البطائح وأطلق أخوته وعياله، وأطلق عمران بن شاهين من اسر من القوّاد وغيرهم.
لكن الأمور فسدت بينهما فأرسل معز الدولة سنة 355 هـ أبا الفضل العباس بن الحسين الشيرازي مع جيش لمقاتلة عمران، فابتدأ أبو الفضل يسدّ الأنهار عن البطائح، وكان معز الدولة في واسط مع عسكره، ثم رحل إلى بغداد تاركا عسكره في واسط، فلمّا وصل إلى بغداد مات، فدفعت الضرورة إلى مصالحة عمران مرة أخرى.
وفي سنة 363 هـ اضطر المرزبان بن بختيار البويهي الذي عصى في البصرة، الى الاستنجاد بعمران بن شاهين لمقاتلة ابن عمه عضد الدولة البويهي، وربما لهذا السبب وجد عضد الدولة عليه، فالتجأ عمران الى حرم أمير المؤمنين عليه السلام في القصة التي ذكرناها في الفصل السابق.
وبقيت الحال بينه وبين البويهيين في مد وجزر حتى توفي فجأة يوم
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 35 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الثالث عشر من المحرم سنة 369 هـ، بعد أن نصبت له الأرصاد أربعين سنة، وأنفقت على حروبه الحرائب، وبعد أن أذلّ الجبابرة وأرباب الدول وطواهم أولا أولا، وقدّمهم أمامه على غصص يتجرعونها وذحول يتحملونها، وهو ممنوع الحريم محصّن الساحة محمى من غوائلهم ومكايدهم)).
وقال ابن الأثير في الكامل:8/481وما بعدها مختصرا ((فلما مات عمران ولي مكانه ابنه الحسن، فتجدد لعضد الدولة طمع في أعمال البطيحة، فجهز العساكر مع وزيره المطهر بن عبد الله فأمدهم بالأموال والسلاح والآلات، وسار المطهر فلما وصل البطائح شرع في سد أفواه الأنهار الداخلة الى البطائح، فضاع فيها الزمان والأموال وجاءت المدود، وبثق الحسن بن عمران بعض تلك السدود فاعانه الماء فقلعها. ثم جرت بينه وبين الحسن وقعة في الماء استظهر عليه الحسن، وخشي المطهر اللوم والفشل فعمد الى أوردته فقطعها، فمات منتحرا.
وأُرغم عضد الدولة على مصالحة الحسن بن عمران، فاستمر في الإمارة ثلاث سنوات، ثم قتل على يد أخيه أبي الفرج محمد بن عمران
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 36 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
سنة 372هـ، إلا أن أيام محمد لم تدم طويلا حتى قتل على يد المظفر بن علي الحاجب بعد سنة، وأجلس أبا المعالي ابن الحسن بن عمران مكانه، وكان أبو المعالي صغيراً، فتولى المظفر تدبيره بنفسه، وقتل كل من كان يخافه من القواد ولم يترك معه إلا من يثق به، ثم عزل أبا المعالي واستقل هو بالإمارة وبذلك انقرضت إمارة البطيحة الخفاجية.
2 - إمارة غربي الفرات
كان ضعف الخلافة العباسية وعجزها عن بسط الأمن في البلاد سببا في نشوء إمارات القبائل في العراق والشام والجزيرة وغيرها من أقطار العالم الإسلامي، فكان الحمدانيون يسيطرون على شمال العراق وبلاد الشام، وفي فترة ملكهم هذه نزل بنو خفاجة العراق مع قومهم بني عقيل في أوائل القرن الثالث الهجري، وكانوا يترددون في البوادي الغربية من السماوة صعودا مع الفرات الى الشام والجزيرة الفراتية، وقد ذكرنا في كتاب بني عقيل من هذه السلسلة أن قبائل عامر اصطدمت مع سيف الدولة الحمداني، ودخلت معه في صراع كانت هي الطرف الخاسر فيه فاخضعهم بنو حمدان تحت سلطتهم، قال ابن خلدون في تاريخه:4 /255: ((كان بنو عقيل وبنو كلاب وبنو نمير
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 37 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وبنو خفاجة وكلهم من عامر بن صعصعة، وبنو طيء من كهلان قد انتشروا ما بين الجزيرة والشام في عدوة الفرات، وكانوا كالرعايا لبني حمدان يؤدون إليهم الإتاوات وينفرون معهم في الحروب، ثم استفحل أمرهم عند فشل دولة بني حمدان، وساروا إلى ملك البلاد))، فورث آل المسيب من عبادة بن عقيل ملكهم، ثم ضعف أمر هؤلاء وتشتت قوتهم بسبب الصراعات الدامية على السلطة، وبرز الخفاجيون وبنو أسد متزامنين كقوة بديلة لحماية البلاد وتأمين السبل، قال ابن الأثير في الكامل:9/599: ((وكان نور الدولة -بن دبيس الأسدي- شرقي الفرات، وخفاجة غربها))، ولم ير الخليفة العباسي آنذاك بدا من أن يعهد لزعماء خفاجة الأقوياء تأمين السبل وبسط الأمن غربي العراق، قال ابن الأثير في أحداث سنة 374هـ: ((في هذه السنة قلد أبو طريف عليان بن ثمال الخفاجي حماية الكوفة، وهي أول امارة بني ثمال)).
وذكر القلقشندي في صبح الأعشى:10/273 نص التقليد، وهو من إنشاء أبي إسحاق الصابي: ((قد رأينا تقليدك -أطال اللَّه بقاءك- الحماية بالكوفة وأعمالها وما يجري معها ثقة بشهامتك وغنائك، وسكونا إلى استقلالك ووفائك، واعتقادا لاصطناعك واصطفائك،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 38 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وحسن ظنّ بك في شكر ما يسدى إليك، ومقابلته بما يحقّ عليك، من الأثر الجميل فيما تولَّاه، والمقام الحميد فيما تستكفاه؛ فتولّ ـ أيدك اللَّه ـ ذلك مقدّما تقوى اللَّه ومراقبته، ومستمدّا توفيقه ومعونته، واحرس الرعيّة في مساكنها، والسّابلة في مسالكها، وادفع عن عملك ونواحيه أهل العيث جميعا، واطلبهم طلبا شديدا، واطرقهم في مكامنهم، وتولَّج عليهم في مظانّهم، ونكَّل بمن تظفر به منهم نكالا تقيم به حكم اللَّه عليهم، وحدوده في أمثالهم، وبالغ في ذلك مبالغة تخيف الظَّنين وتوجسه، وتؤمّن السّليم وتؤنسه، وراع الأكرة والمزارعين حتّى ينبسطوا في معايشهم، ويتصرّفوا في مصالحهم، وتتيسّر عواملهم في عماراتها، ومواشيهم في مسارحها؛ ومتى طردت لأحد منهم طريدة أو امتدّت إليهم يد عاتية، ارتجعت ما أخذ له، ورددته بعينه أو قيمة مثله، وخفّف عمن ولَّيت عليه الوطأة، وارفع عنهم المؤونة والكلفة، وخذهم بالتناصف، واقبضهم عن التظالم، وامنع قويّهم من تحيّف المضعوف، وشريفهم من استضامة المشروف، وأولهم من عدلك وحسن سيرتك، واستقامة طريقتك، ما يتّصل عليه شكرك، ويطيب به ذكرك، ويقتضي لك دوام الولاية، وتضاعف العناية.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 39 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
واعلم بأنك فيما ولَّيته من هذا الأمر متضمّن للمال والدّم، ومأخوذ بكل ما يهمّك من ذمة ومحرم؛ فليكن اجتهادك في الضّبط والحماية، واحتراسك من الإهمال والإضاعة، بحسب ذلك، واكتب بأخبارك على سياقتها، وآثارك لأوقاتها: ليتّصل لك الإحماد عليها، والمجازاة عنها، إن شاء اللَّه تعالى)).
التاريخ السياسي لإمارة غربي الفرات
أسس هذه الإمارة في الكوفة وغربي الفرات بنو ثمال بن مهدي بن سلمان، وهم فخذ من بني حزن بن خفاجة (إكمال الكمال:4/25)، وذلك حين تولى عليان أو علوان بن ثمال حماية الكوفة سنة 374هـ كما مر، واستمرت إمارتهم فيها احدى وثمانين سنة. (مؤسسو الدول الإسلامية:300).
ولم تعرف مدة ولاية عليان بن ثمال في حماية الكوفة، ولم يذكر أحد من المؤرخين شيئا من سيرته أو أحداثا وقعت في فترة إمارته، وذكر الدكتور الخفاجي أنه مات سنة 390هـ، وربما يشهد لذلك ما ذكره مسكوية في تجارب الأمم:7/456 في أحداث سنة 391 هـ، قال: ((وحمل قرواش إلى الحسن عمه ثيابا وفرشا وسلاحا وغير ذلك، وسار إلى الكوفة، وواقع بني خفاجة بناحية زبارا وظفر بهم، ومضوا
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 40 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بعد هذه الوقعة إلى الشام، وكانوا هناك إلى أن استدعى أبو جعفر الحجاج -بن هرمز نائب بهاء الدولة البويهي- أبا علي الحسن بن ثمال فورد، ووردوا على ما نذكره من بعد في موضعه))، وهذا يعني أن أبا علي الحسن بن ثمال تولى الإمارة بعد أخيه عليان، وفي وقت قريب مما ذكره الدكتور الخفاجي، وأن قرواشا العقيلي استغل وفاة عليان فهاجم الكوفة، فاضطرت خفاجة الى النزوح الى الشام، ثم استدعاهم نائب بهاء الدولة أبو جعفر بن الحجاج في حربه على بني عقيل أمراء الموصل، وبني مزيد أمراء الحلة، فالتقت مصالح الطرفين.
إمارة الحسن بن ثـمال
وكنيته أبو علي، وهو من أجل أمراء بني خفاجة، كان أميرا شجاعا، مهابا، منيع الجانب، تولى الإمارة بعد أخيه عليان، واستمر في الإمارة تسع سنين.
قال مسكوية في أحداث سنة 392، وننقله مختصرا: ((وورد أبو علي الحسن بن ثمال الخفاجي بعقبه (من الشام) في يوم الثلاثاء الرابع عشر من شهر رمضان، في عدة قريبة من أصحابه فلم يُشعَر به حتى نزل صرصر –قرية على نهر عيسى بين بغداد والأنبار-
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 41 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وكان أبو جعفر لاعتقاده ما يعتقده في بني عقيل، وما عاملوه به قديما لا يحلم إلا بهم ولا يفكر إلا في قصدهم وحربهم، وأخذ الأهبة لشفاء صدره منهم واجتذاب من يجعله خصما لهم.
وكاتب أبا علي بن ثمال وحرص على أن يستدنيه وكان يبعد في الظنّ أن ينزل الشام ويرد إلى العراق...فلما نزل أبو علي صرصر سرَّ أبا جعفر ذاك، وأنفذ إليه من تلقّاه وأنزله في الدار التي كانت للمعروفي، وحمل إليه الإقامات وأطلق لأصحابه النفقات.
وخرج أبو جعفر إلى جسر النهروان في يوم الأحد لأربع بقين من شهر رمضان، ومعه جماعة من القواد منهم أبو علي بن ثمال.
واجتمع من بني عقيل عدة كثيرة ومعهم أبو الحسن بن مزيد الأسدي في خيله ورجله، ووقعت الوقعة بينهم في يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي القعدة في منطقة تدعى بزيقيا –قرية قرب الحلة من أعمال الكوفة-، وانهزمت عقيل وبني مزيد فتعقبهم المنتصرون الى النيل شمال الحلة، واتفق أن انقسمت خفاجة في تعقب المنهزمين الى قسمين، قسم مضى مع حسان بن ثمال أخي أبي علي، وقسم قليل مع الأمير أبي علي، فضلت الفرقة الأولى الطريق ولم تشهد المعركة،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 42 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وشهدها أبو علي بن ثمال في عدد قليل من خفاجة، فلما قاربوا ابن مزيد وشاهدوا حلله وقفوا لأخذ أهبة الحرب وضرب المضارب، وبرز ابن مزيد للقتال فكان الظفر حليفه أول الأمر، لكن ثبات نائب بهاء الدولة قلب الموازين، فانهزم المزيديون، وغنمت الأموال وأسرت النساء، فعهد أبو جعفر بالنساء الى أبي علي الخفاجي لحمايتهن من بعض جنوده الأتراك والفرس، فتشاغل أبو علي بجمعهن إلى بيوت أفردها لهن، ولم يتعرض لشيء من النهب على وجه ولا سبب.
أقول: وهذا يدل على نبل الأمير أبي علي الخفاجي ومنبته الأصيل، فهذه النسوة كن نساءا عربيات من بني أسد وغيرهم من أهل الحلة فحفظ حرمتهن من الهتك.
وقال: واستغنى الشاذنجان والجاوان -فرق من عسكر نائب بهاء الدولة- ومن حضر من بني خفاجة بما حصل من الغنائم، وامتلأت أيدي الجميع وحقائبهم بالمال والجلال من الأثاث، وانكفأ أبو جعفر إلى النيل، ثم مضى مع أبي علي الى الكوفة.
وتمرغ أبو علي على القبر الشريف
وقال مسكويه في أحداث السنة المذكورة 392هـ مختصرا:
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 43 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
((وردت الأخبار بانحدار قرواش ورافع بن الحسين وقراد بن اللديد وغريب ورافع ابني محمد بن مقن في جمرة بني عقيل، ومن استجاشوا به من طوائف الأكراد، ونزولهم الأنبار عامدين على قصد الكوفة ولقاء أبي جعفر وأبي علي بن ثمال، وعرف بنو خفاجة ذاك ففارقوا أبا علي وتوجهوا منصرفين.
فقال أبو علي لأبي جعفر: يا صاحب الجيش، أنفذ معي من يردّهم. فأنفذ معه الظهير أبا القاسم، وخرجا حتى انتهيا إلى قريب من القادسية، والقوم متفرقون قد أخذ كل قوم منهم طريقا، ومنهم من يريد البصرة ومنهم من يريد البرية. فقال أبو علي للظهير لمّا شاهدهم: تقدم بضرب البوقات. ففعل ذاك. فلما سمعوا الصوت وكل إنسان منهم قد أخذ وجهته لووا رؤوس خيلهم واجتمعوا إلى أبي علي، وقالوا له: ما الذي تريده منا؟ فقال لهم: يا قوم تخلوني وتخلون هذه البلاد، وقد نزلناها وأخذناها بالسيف وصارت لنا طعما ومعايش؟ فقالوا: نريد المال والعوض عن إسلام النفوس للرماح والسيوف!.
ولم يزل هو والظهير بهم حتى رجعوا على أن يفسح لهم في نهب النواحي عوضا عن العطاء والإحسان، واستعملوا من ذاك ما جرت
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 44 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
عادتهم به وعظمت المعرّة منهم.
وبرز صاحب الجيش -نائب بهاء الدولة- إلى الموضع المعروف بالسبيع من ظاهر الكوفة، وأراد أن يجعل انتظاره لبني عقيل ولقاءه لهم فيه. فقال له أبو علي بن ثمال:
يا صاحب الجيش قد أسأنا معاملة أهل البلد، وثقّلنا الوطأة عليهم، وهم كارهون لنا وشاكون منّا، ومتى كانوا في ظهورنا عند وقوع الحرب لم نأمن ثورتهم من ورائنا، ومعاونتهم لأعدائنا علينا، والصواب أن نجعل بيننا وبينهم بعدا. فساروا ونزلوا في القرية المعروفة بالصابونية على فرسخين من الكوفة، ومع أبي علي بن ثمال نحو سبع مائة فرس ومع صاحب الجيش أبي جعفر نحو العدة من الديلم.
وكان أبو علي بن ثمال قصد المشهد بالغري على ساكنه السلام، وزار وصلَّى وتمرّغ على القبر، وسأل الله تعالى العون والنصر، وقال لأصحابه: هذا مقام الموت والذل بالفشل والخور ومقام الحياة والعز بالثبات والظفر. فوعدوه المساعدة وبذل نفوسهم في المدافعة.
ورتب صاحب الجيش مصافّه بين يدي بيوت الحلَّة، وجعل الظهير
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 45 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
أبا القاسم في ميمنته وخسروشاه في ميسرته ووقف هو في القلب، وبرز النسوان في الهوادج على الجمال وبين أيديهن الرجالة بالدرق والسيوف. وتقدم أبو علي في الفرسان ووقع التطارد فلم يكن وقت طويل حتى وافت الخيل المغنومة والرجال المأسورون يقادون والعرب من بني خفاجة وفي أيديهم الرماح المتدفقة، وانهزم بنو عقيل ووقع منهم في الأسر ألف رجل.
وقد كان نساء بني خفاجة وعبيدهم وإماؤهم عند تلاقي الجمعين ركبوا الخيل والجمال وصاروا إلى معسكر بني عقيل وبينه وبين موضع الحرب بعد، وكبسوه ونهبوه وولَّى بنو عقيل لا يلوي أول منهم على آخر، وغنم بنو خفاجة أموالهم وسلاحهم وكراعهم وسوادهم.
قال مسكويه: فحدثني أبو علي الحسن بن ثمال: انه اتبع بني عقيل في عرض البرية مع فوارس من أصحابه إلى المشهد بالحائر على ساكنه السلام، وهم منقطعون)).
وفي أحداث سنة 397 قال ابن الأثير في الكامل:9/197: ((في المحرم جرت وقعة بين معتمد الدولة أبي المنيع قرواش بن المقلد العقيلي، وبين أبي علي بن ثمال الخفاجي، وكان سببها أن قرواش جمع
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 46 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
جمعا كثيرا وسار إلى الكوفة، وأبو علي غائب عنها فدخلها ونزل بها، وعرف أبو علي الخبر فسار إليه فالتقوا واقتتلوا فانهزم قرواش وعاد إلى الأنبار مفلولا، وملك أبو علي الكوفة وأخذ أصحاب قرواش فصادرهم)).
ويظهر أن أبا علي الخفاجي قد غيَّر ولائه في سني إمارته الأخيرة من البويهيين الى الفاطميين، قال ابن الأثير في أحداث سنة 399هـ: ((في هذه السنة قتل أبو علي بن ثمال الخفاجيّ، وكان الحاكم بأمر الله صاحب مصر قد ولاه الرحبة، فسار إليها فخرج إليه عيسى بن خلاط العقيلي فقتله)).
إمارة سلطان بن ثـمال
ثم تولى الإمارة أخوه سلطان بن ثمال، وحدثت في عهده وقائع عديدة مع نائب بهاء الدولة البويهي، ففي سنة 401 توفي عميد الجيوش أبو جعفر بن هرمز نائب بهاء الدولة البويهي، فاستعمل بهاء الدولة فخر الدولة كحاكم على العراق، ((ولما فتح الملك فخر الدولة دير العاقول سنة 402 -موضع قريب من النعمانية- أتاه سلطان وعلوان ورجب أولاد ثمال الخفاجي، ومعهم أعيان عشائرهم وضمنوا حماية
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 47 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
سقي الفرات ودفع عقيل عنها، وساروا معه إلى بغداد فأكرمهم وخلع عليهم، وأمرهم بالمسير مع ذي السعادتين الحسن بن منصور إلى الأنبار فساروا، فلما صاروا بنواحي الأنبار أفسدوا وعاثوا فقبض ذو السعادتين على نفر منهم، ثم أطلقهم واستحلفهم على الطاعة والكف عن الأذى، فأشار كاتب نصراني من أهل دقوقا على سلطان بن ثمال بالقبض على ذي السعادتين، وأن يظهر أن عقيلا أغاروا، فإذا خرج عسكر ذي السعادتين انفرد به فأخذه، فوصل إلى ذي السعادتين الخبر.
ثم إن سلطانا أرسل إليه يقول له: إن عقيلا قد قاربوا الأنبار، ويطلب منه إنفاذ العسكر، فقال ذو السعادتين: أنا أركب وآخذ العساكر. ثم دافعه إلى أن فات وقت السير فانتفض على سلطان ما دبره، فأرسل يقول: قد أخذت جماعة من عقيل.
ثم ان ذا السعادتين صنع طعاما كثيرا وحضر عنده سلطان وكاتبه النصراني وجماعة من أعيان خفاجة، فأمر أصحابه بقتل كثير منهم، وقبض على سلطان وكاتبه وجماعة ونهب بيوتهم وما فيها، وحبس سلطانا ومن معه ببغداد حتى شفع فيهم أبو الحسن بن مزيد -صاحب الحلة- وبذل مالا عنهم فأطلقوا)) (الكامل في التاريخ:9/235)، ويظهر من ابن
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 48 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الأثير أن فخر الدولة عزل سلطانا عن حماية غربي الفرات، فجاء بعد سنتين بشفيع ليعاد الى منصبه، قال: ((في هذه السنة -أي سنة 404هـ- جاء سلطان بن ثمال واستشفع بأبي الحسن بن مزيد إلى فخر الملك ليرضى عنه فأجابه إلى ذلك، فأخذ عليه العهود بلزوم ما يحمد أمره، فلما خرج وصلت الأخبار بأنهم نهبوا سواد الكوفة، وقتلوا طائفة من الجند، وأتى أهل الكوفة مستغيثين، فسير فخر الملك إليهم عسكرا وكتب إلى ابن مزيد وغيره بمحاربتهم، فسار إليهم وأوقع بنهر الرمان، وأسر محمد بن ثمال وجماعة معه ونجا سلطان، وأدخل الأسرى إلى بغداد مشهرين وحبسوا. وهب على المنهزمين من بني خفاجة ريح شديدة حارة فقتلت منهم نحو خمسمائة رجل)). (المصدر السابق:9/245)
إمارة سلطان بن الحسن بن ثـمال
ثم تولى الإمارة ابن أخيه سلطان بن الحسن أو الحسين بن ثمال، قال ابن الأثير في حوادث سنة 411،9/321: ((ثم إن قرواش خلص وقصد سلطان بن الحسين بن ثمال أمير خفاجة، فسار إليهم جماعة من الأتراك، فعاد قرواش وانهزم ثانيا هو وسلطان، وكانت الوقعة بينهم
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 49 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
غربي الفرات)).
إمارة منيع بن حسان
عده زامباور في معجم الأسرات الحاكمة ص210 من أمراء إمارة خفاجة، يبدو أنه تولى الإمارة سنة 415هـ.
وفي عهده وقعت فتنة بين خفاجة وبني عقيل، قال ابن خلدون في تاريخه:4/258 : ((ثم كانت الفتنة بينه -قراوش كما يسميه ابن خلدون- وبين بني أسد وخفاجة سنة 417هـ؛ لان خفاجة تعرضوا لاعماله بالسواد، فسار إليهم من الموصل قراوش، وأميرهم (أي خفاجة) أبو الفتيان منيع بن حسان، فاستجاش بدبيس ابن علي بن مزيد فجاءه في قومه بني أسد، وعسكر من بغداد والتقوا بظاهر الكوفة، وهي يومئذ لقراوش، فخاف قراوش عن لقائهم وأجفل ليلا للأنبار، واتبعوه فرحل عنها إلى حلله، واستولى القوم على الأنبار وملكوها، ثم فارقوها وافترقوا فاستعادها قراوش))
وقال ابن الأثير في أحداث سنة 417هـ: ((في هذه السنة اجتمع دبيس بن علي بن مزيد الأسدي، وأبو الفتيان منيع بن حسان أمير بني خفاجة وجمعا عشائرهما وغيرهم، وانضاف إليهما عسكر بغداد على
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 50 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
قتال قرواش بن المقلد العقيلي.
وكان سببه أن خفاجة تعرضوا إلى السواد وما بيد قرواش منه، فانحدر من الموصل لدفعهم، فاستعانوا بدبيس فسار إليهم واجتمعوا، فأتاهم عسكر بغداد فالتقوا بظاهر الكوفة، وهي لقرواش فجرى بين مقدمته ومقدمتهما مناوشة. وعلم قرواش أنه لا طاقة له بهم، فسار ليلا جريدة في نفر يسير، وعلم أصحابه بذلك فتبعوه منهزمين فوصلوا إلى الأنبار، وسارت أسد وخفاجة خلفهم، فلما قاربوا الأنبار فارقها قرواش إلى حلله، فلم يمكنهم الإقدام عليه، واستولوا على الأنبار ثم تفرقوا)).
وقال في أحداث السنة المذكورة: ((في هذه السنة سار منيع بن حسان أمير خفاجة إلى الجامعين، وهي لنور الدولة دبيس فنهبها، فسار دبيس في طلبه إلى الكوفة ففارقها، وقصد الأنبار وهي لقرواش كان استعادها بعد ما ذكرناه قبل. فلما نازلها منيع، قاتله أهلها فلم يكن لهم بخفاجة طاقة، فدخل خفاجة الأنبار ونهبوها وأحرقوا أسواقها، فانحدر قرواش إليهم ليمنعهم وكان مريضا ومعه غريب والأثير عنبر إلى الأنبار، ثم تركها ومضى إلى القصر، فاشتد طمع خفاجة
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 51 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وعادوا إلى الأنبار فأحرقوها مرة ثانية.
وسار قرواش إلى الجامعين فاجتمع هو ونور الدولة دبيس بن مزيد في عشرة آلاف مقاتل، وكانت خفاجة في ألف فلم يقدر قرواش في ذلك الجيش العظيم على هذه الألف، وشرع أهل الأنبار في بناء سور على البلد، وأعادهم قرواش وأقام عندهم الشتاء، ثم إن منيع بن حسان سار إلى الملك أبي كاليجار -المرزبان بن فناخسرو البويهي- فأطاعه فخلع عليه، وأتى منيع الخفاجي إلى الكوفة فخطب فيها لأبي كاليجار وأزال حكم عقيل عن سقي الفرات.
ويظهر من ابن الأثير أن منيع بن حسان استمر في إمارة خفاجة الى ما بعد سنة 421، فقد ذكر في أحداث سنة 420 و421 ما ملخصه: ((وأصعد الملك أبو كاليجار إلى مدينة واسط فملكها، وكان ابتداء ذلك أن نور الدولة دبيس بن علي بن مزيد صاحب الحلة والنيل، ولم تكن الحلة بنيت ذلك الوقت، خطب لأبي كاليجار في أعماله.
وسببه أن أبا حسان المقلد بن أبي الأغر الحسن بن مزيد كان بينه وبين نور الدولة عداوة، فاجتمع هو ومنيع أمير بني خفاجة وأرسلا إلى بغداد يبذلان مالا يتجهز به العسكر لقتال نور الدولة، فاشتد الأمر
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 52 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
على نور الدولة فخطب لأبي كاليجار وراسله يطعمه في البلاد، ثم شغب عليه جلال الدولة البويهي فأخذ منه الأهواز ونهبها، ولما سمع أبو كاليجار الخبر سار ليلقى جلال الدولة، فتخلف عنه دبيس بن مزيد خوفا على أهله وحلله من خفاجة)).
إمارة علي بن ثـمال
لم يذكر المؤرخون أحداثا في عهد علي بن ثمال ولا عن كيفية وصوله الى إمارة خفاجة، سوى ما ذكره ابن الأثير في حوادث سنة 425 من أن خفاجة أعانت دبيس بن علي بن مزيد على أخيه ثابت بن علي، وفي أحداث سنة 426 قتل أمير خفاجة علي بن ثمال على يد ابن أخيه، قال:9/444: ((وفيها في ذي الحجة وثب الحسن بن أبي البركات بن ثمال الخفاجي بعمه علي ابن ثمال أمير بني خفاجة فقتله، وقام بإمارة بني خفاجة)).
إمارة الحسن بن أبي البركات
تولى إمارة خفاجة بعد أن قتل عمه وقام مقامه، وفي نفس السنة قام بغزو الكوفة نكاية ببني عقيل، قال ابن الأثير في الكامل:9/444: ((وفيها قصدت خفاجة الكوفة ومقدمهم الحسن بن أبي البركات بن
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 53 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ثمال، فنهبوها وأرادوا تخريبها ومنعوا النخل من الماء فهلك أكثره)).
إمارة بدران بن سلطان
لم يذكر المؤرخون متى آلت إليه إمارة بني خفاجة، وذكر ابن الجوزي في المنتظم في أحداث سنة 438هـ تاريخ وفاته، قال15/306: ((ومات بدران بن سلطان بن ثمال الخفاجي، وتأمر على بني خفاجة رجب بن منيع بن ثمال)).
إمارة رجب بن منيع
يظهر من المؤرخين أن رجب بن منيع تولى إمارة خفاجة مرتين، الأولى: بعد وفاة بدران بن سلطان سنة 438 كما مر عن ابن الجوزي. ثم عزل عنها بأمر من طغرلبك السلجوقي، قال ابن الأثير في حوادث سنة 452هـ: ((في هذه السنة خلع السلطان طغرلبك على محمود بن الأخرم الخفاجي، ووردت إليه إمارة بني خفاجة وولاية الكوفة وسقي الفرات، وضمن خواص السلطان هناك بأربعة آلاف دينار كل سنة، وصرف عنها رجب بن منيع)).
ثم تولاها مرة ثانية بعد وفاة محمود الأخرم الآتية ترجمته، قال ابن ماكولا المتوفى سنة 475هـ في إكمال الكمال:4/25: ((أما رجب فهو
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 54 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -رجب بن منيع بن حسان بن علوان بن ثمال بن مهدي ابن سلمان بن حزن أمير خفاجة في وقتنا بعد محمود)).
وفي عهد رجب بن منيع غزت خفاجة الحلة فنهبوها وأخربوها، قال ابن الأثير في حوادث سنة 446: ((في هذه السنة في رجب قصد بنو خفاجة الجامعين وأعمال نور الدولة دبيس، ونهبوا وفتكوا في أهل تلك الأعمال، وكان نور الدولة شرقي الفرات وخفاجة غربها، فأرسل نور الدولة إلى البساسيري يستنجده، فسار إليه فلما وصل عبر الفرات من ساعته، وقاتل خفاجة وأجلاهم عن الجامعين فانهزموا منه ودخلوا البر فلم يتبعهم وعاد عنهم، فرجعوا إلى الفساد فاستعد لسلوك البر خلفهم أين قصدوا وعطف نحوهم قاصدا حربهم، فدخلوا البر أيضا فتبعهم فلحقهم بخفان، وهو حصن بالبر فأوقع بهم ونهب منهم ونهب أموالهم وجمالهم وعبيدهم وإماءهم وشردهم كل مشرد. وحصر خفان ففتحه وخربه وأراد تخريب القائم به، وهو بناء من آجر وكلس، وصانع عنه صاحبه ربيعة بن مطاع بمال بذله فتركه وعاد إلى البلاد.
وهذا القائم قيل إنه كان علما تهتدى به السفن لما كان البحر يجيء
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 55 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
إلى النجف، ودخل بغداد ومعه خمسة وعشرون رجلا من خفاجة عليهم البرانس وقد شدهم بالحبال إلى الجمال، وقتل منهم جماعة وصلب جماعة)).
إمارة محمود الأخرم
لم يكن محمود بن الأخرم الخفاجي من خفاجة العراق، بل من خفاجة الذين هاجروا الى مصر مع بني هلال، بعثه الخليفة المستنصر الفاطمي صاحب مصر واليا على مناطق غربي الفرات، قال ابن الجوزي في حوادث سنة 448هـ: ((وورد محمود بن الأخرم الخفاجي من مصر ومعه مال، فخطب بشفاتا، وعين التمر، وبالكوفة للمصري))، وذكر ابن الأثير ذلك في أحداث سنة 447، لكن محمودا غيَّر ولائه بعد مقتل البساسيري من الفاطميين الى طغرلبك السلجوقي فأسند إليه إمارة خفاجة وخلع رجب عنها، كما مر ذلك عن ابن الأثير في حوادث سنة 452هـ، وقد استمرت إمارة محمود بن الأخرم حتى سنة 455 (مؤسسو الدول الإسلامية:300)، ثم عادت الى رجب بن منيع كما مر عن ابن ماكولا.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 56 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الفصل الخامس : السلاجقة وشيعة العراق
استولى السلاجقة المنحدرون من قبائل الغز التركمانية على بغداد سنة 447 هـ منهين بذلك حكم الدولة البويهية، وكان التشيع لآل البيت النبوي عليهم السلام منتشرا في العراق من أقصاه الى أقصاه، بل وفي بلاد الشام ومصر ومعظم أجزاء الجزيرة العربية، فأغلب الدول وإمارات العشائر التي كانت قائمة يومذاك كانت على المذهب الجعفري أو المذهب الإسماعيلي، ((وكان المستهدف الأول من بين أهداف السلاجقة هم الشيعة ومدارسهم ودور علمهم وأعلامهم، ففي سنة 448 هـ -أي بعد سنة واحدة من تدنيس السلاجقة أرض بغداد- اشتدت الفتن، وبلغ العنف والقتل والإِحراق ذروته، فأحرقت دور الشيعة وبعض محالَّها وصلت النوبة إلى الشيخ الطوسي-مرجع الطائفة الشيعية آنذاك- فقد كُبست داره ونُهبت وأُحرقت، كما وأُحرقت كتبه وآثاره ودفاتره، وأُحرق كرسي التدريس الذي كان قد منحه إياه الخليفة العباسي القائم بأمر الله،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 57 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وقُتل أبو عبد الله الجلاب -وهو من علماء الشيعة- على باب داره. وكانت الخلافة العباسية وأجهزتها عاجزة عن إقرار الأمن والنظام، إذ كانت آنذاك في ضعف وتدهور حيث فقدت هيبتها وسلطانها على النفوس)) (مقدمة كتاب عدة الأصول:1/26). فاضطر الشيخ أبو جعفر الطوسي الى نقل مركز المرجعية الدينية الى النجف، حيث كانت تنعم بالأمن يومذاك في ظل حماية قبيلة خفاجة لها، وفي عهد ولاية رجب بن منيع تحديدا.
كما سعى السلاجقة الى سلب الشيعة من كل أدوات القوة التي كانت بأيديهم، فأسقطوا الدولة البويهية الشيعية، وتربع طغرلبك أول ملوكهم على عرش بغداد، ثم أخذ يزحف على الإمارات القبلية الشيعية القائمة في العراق لينتزع منها سيادتها واحدة تلو الأخرى، فسقطت على أيديهم إمارة بني المقلد العقيليين الشيعة في الموصل والأنبار بمقتل إبراهيم بن قريش بن بدران سنة 486 هـ على يد تتش أرسلان السلجوقي (الأعلام:1/58)، ثم جاء الدور لإمارة بني مزيد الأسديين الشيعة في الحلة سنة 501 بمقتل صدقة بن منصور على يد محمد بن بركيارق السلجوقي (المصدر السابق:3/203).
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 58 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وكانت خفاجة وعبادة ممن شهد تلك المعركة الى جانب إخوانهم بني مزيد الأسديين. (المنتظم:17/108، وانظر: بنو أسد بن خزيمة من سلسلة القبائل العربية في العراق ص91 وما بعدها)
ولم تتوقف خطى هذه الدولة الطائفية عند حدود العراق، بل تخطته فوسع ألب أرسلان خليفة طغرلبك حدوده على حساب الدولة الفاطمية المصرية فانتزع منها بلاد الشام والحجاز .
وكانت إمارة خفاجة الشيعية غرب الفرات أول المستهدفين في هذه الحملة الحاقدة، فقد استبدل طغرلبك أمير خفاجة رجب بن منيع بمحمود بن الأخرم الخفاجي المصري، كما مر ذلك عن ابن الأثير في حوادث سنة 452هـ، ومن المؤكد أن ذلك قد أثار حفيظة أبناء القبيلة فقد ورث رجب بن منيع الزعامة عن أبائه كابرا عن كابر، فكان من الطبيعي أن تدافع هذه القبائل (خفاجة وبنو أسد وبنو عقيل) عن سيادتها وأرضها ومنجزاتها وقادتها، وأن تقوم بثورات قد تنزلق في بعض الأحيان الى أعمال تخريب وفوضى كما هو شأن الثورات في كل بلدان العالم والى يومنا هذا.
وما لا ينبغي أن ينسى أن التاريخ كتب بأيدي عبدة القوة والمصفقين للسلطة، وأغلبهم من خصوم شيعة آل البيت عليهم السلام ، فلا
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 59 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
نتوقع منهم أن ينصفوا قبيلة خفاجة أو غيرها من الشيعة، وأن يكتبوا أنها كانت تثور بسبب الظلم والاضطهاد الذي عانته من سياسات السلاجقة الطائفيين، وقد تنجر ثوراتها الى أعمال تخريب أحيانا.
وكانت إمارة خفاجة قد سقطت على أيديهم سنة 455 بوفاة محمود الأخرم كما مر عن الدكتور فؤاد السيد في مؤسسو الدول الإسلامية، أو سنة 485 كما عن الذهبي في تاريخ الإسلام:33/27، قال: ((وأما عرب خفاجة فطمعوا بموت السّلطان -ملك شاه السلجوقي سنة 485-، وخرجوا على الركب العراقي، فأوقعوا بهم، وقتلوا أكثر الجند الذين معهم، ونهبوا الوفد، ثمّ أغاروا على الكوفة، فخرجت عساكر بغداد وتبعتهم حتّى أدركتهم فقتل من خفاجة خلق، ولم تقو لهم شوكة بعدها))، ومن تعبير الذهبي: ((طمعوا بموت السلطان، وخرجوا على الركب))، وقتلهم للجنود السلاجقة المرافقين للقافلة أنها كانت ثورة وليست عملية سطو مسلح على الحجاج كما يحاول أن يوحي به المؤرخون.
وكان السلاجقة قد أوقعوا بهم قبل ذلك عدة وقعات، منها ما ذكره ابن كثير في البداية والنهاية في حوادث سنة 458 قال: ((وحج
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 60 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بالناس فيها مقطع الكوفة، وهو الأمير السكيني جنفل التركي، ويعرف بالطويل، وكان قد شرد خفاجة في البلاد وقهرهم))
والخلاصة: لا يمكن أن نطمئن الى ما ذكره المؤرخون عن قبيلة خفاجة خصوصا في المرحلة التي تلت قيام الدولة السلجوقية؛ لاحتمال أن تلك الوقائع كانت عبارة عن ثورات تقوم بها القبيلة بين حين وآخر، وربما كان يصحب تلك الثورات أعمال عنف أو اعتداء على ممتلكات عامة الناس.
ومن المرحج أن إمارة خفاجة لم تنته بموت محمود الأخرم سنة 455، أو سنة 485 بعد الضربة القاصمة التي وجهها السلاجقة للقبيلة بل استمرت قائمة، لكن أسماء أمراء القبيلة أغفلهم التاريخ، أو أن الإمارة انتقلت الى فرع آخر غير بني ثمال، أو لأن حكام السلاجقة حاولوا تجريد هذه القبيلة من مصادر قوتها من خلال عدم الاعتراف بها رسميا كقبيلة تقوم بحماية الأطراف الغربية للعراق، بدليل أن تأثير القبيلة ودورها السياسي وقوتها العسكرية جنوب العراق استمر فترة طويلة من الزمن، وقد وصف الرحالون والمؤرخون أثر هذه القبيلة في الحياة السياسية في مناطق جنوب العراق
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 61 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بما يدل على قوتهم وبقائهم على ذات الوظيفة -حماية غرب العراق- الى عهود متأخرة، فبعد قرن من وفاة محمود الأخرم، ((مات المقتفي العباسي في سنة 555 ه، وتولّى الخلافة ابنه المستنجد، واستعمل المستنجد على الحلة الأمير قيصر شحنة -مدير شرطة- وهو من مماليكه)).
وفي هذا العهد كان لخفاجة نفوذ في سواد الحلة، وكانت حكومة الحلة تفرض لهم رسوماً من الطعام والسمن مقابل حماية السواد، وفي سنة 556 ه سارت خفاجة إلى الحلة والكوفة مطالبة برسومها، فمنعهم أمير الحاج أرغش مقطع الكوفة، ووافقه الأمير قيصر شحنة الحلة، وكلاهما من مماليك الخليفة، وجرد قيصر حملة تأديبية في 250 فارساً وخرج إليهم. (موسوعة ابن إدريس الحلي مقدمة تفسير التبيان:ص35)
وقال ابن خلدون:3/523، عن هذه الحادثة: ((فخرجوا إليهم في أثرهم واتبعوهم إلى الرحبة فطلبوا الصلح، فلم يجبهم أرغش ولا قيصر فقاتلوهم، فانهزمت العساكر وقتل قيصر، وخرج أرغش ودخل الرحبة فاستأمن له شحنتها وبعثوه إلى بغداد، ومات أكثر الناس عطشا في البرية، وتجهز عون الدين بن هبيرة في العساكر لطلب خفاجة
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 62 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
فدخلوا البرية ورجع، وانتهت خفاجة إلى البصرة وبعثوا بالعدو وسألوا الصلح فأجيبوا))
وقال ابن جبير الأندلسي في رحلته ص178 والتي يرجح أنه زار العراق سنة 580هـ عن الكوفة: ((هي مدينة كبيرة عتيقة البناء، قد استولى الخراب على أكثرها، فالغامر منها أكثر من العامر، ومن أسباب خرابها قبيلة خفاجة المجاورة لها فهي لا تزال تضر بها))، وقال ابن بطوطة الذي زار العراق في حدود سنة 750هـ، متحدثا عن دور خفاجة وقوتها الحربية: ((ولما تحصلت لنا زيارة أمير المؤمنين علي عليه السلام سافر الركب إلى بغداد، وسافرت إلى البصرة بصحبة رفقة كبيرة من عرب خفاجة، وهم أهل تلك البلاد ولهم شوكة عظيمة وبأس شديد، ولا سبيل للسفر في تلك الأقطار الا في صحبتهم، فاكتريت جملاً على يد أمير تلك القافلة شامر بن دراج الخفاجي)) (رحلة ابن بطوطة:178)، وذكر انطباعاته عن الكوفة بمثل ما مر عن ابن جبير. (المصدر السابق:213)، وقال القلقنشندي المتوفى سنة 821 هـ في صبح الأعشى:1/396: ((ومن بني عقيل أيضا خفاجة...، وهم بنو خفاجة بن عمرو بن عقيل، وفيهم الإمرة بالعراق إلى الآن)).
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 63 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وقال العزاوي في العراق بين احتلالين:3 /64 في حوادث سنة 824: ((في هذا التاريخ وقعت الحرب بين قبائل ربيعة، فاستنجدوا بقبيلة خفاجة، وكان أميرها إذ ذاك عذرة (عذرا)، فوصل الى الحلة، وطمع فيها لما رأى فيها من أموال وخلوها من حاكم ذي شوكة ومنعة، فحاصرها واستولى عليها يوم السبت/17 محرم من السنة المذكورة)).
ويبدو أن الحكومة التركمانية التي كانت قائمة في العراق يوم ذاك والمعروفة تاريخيا (قره قوينلو) قد أقرته مؤقتا، ((ثم أرسلت رجلا يقال له أبو علي الجرائحي، وكان فارسا جلدا، فجاء برسالة من السلطان أويس الى عذرة أمير خفاجة مقررا له مالا لمحافظته على بلدة الحلة، وأقام أبو علي ونائب الأمير عذرة لاستيفاء المال المقرر، فلما استوفى نائب عذرة المال توجه الى أميره، وحكم أبو علي الحلة)) (العراق بين احتلالين:3/67 مختصرا)
وهذا يعني أن إمارة خفاجة كانت قائمة ومحتفظة بقوتها حتى الربع الأول من القرن التاسع الهجري.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 64 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الفصل السادس : عوامل الضعف والانهيار
كانت قبيلة خفاجة من أكبر قبائل العراق عددا، وأكثرها قوة ومنعة، فقد روى السمعاني:4/124، عن أبي أربد الخفاجي، قال: ((سمعت أبا أربد الخفاجي في برية السماوة، وقلت: أي العرب أكثر؟ فقال: نحن أكثرهم عددا وخيلا، وعبادة أكثر جملا، وغزية أكثر رجلا. ثم قال: يكون في قبيلتنا خفاجة ستون ألف فارس))، ومرَّ ما نقلناه عن ابن بطوطة من أنها كانت ذات شوكة عظيمة وبأس شديد، إلا أن هذه الكثرة العددية آلت الى التبدد والتفرق، والقوة الى الضعف بسبب كثرة الحروب التي خاضتها القبيلة مع الدول القائمة آنذاك، ومع القبائل المجاورة، وفيما يلي نبذة مختصرة عن أهم المعارك التي خاضتها خفاجة بعد زوال إمارة بني ثمال:
1- التنافس بين عبادة وخفاجة:
تسيَّد بنو المقلد بن المسيب، وهم بطن من عبادة بن عقيل على شمال العراق، وكانت عاصمتهم الموصل، بينما كان غرب الفرات
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 65 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
والجنوب من حصة بني عمومتهم بني خفاجة بن عمرو بن عقيل، وكان الصراع والتنافس على النفوذ والتوسع على أشده بين القبيلتين، خصوصا على منطقة الكوفة وسقي الفرات، فكانت هذه المناطق تخضع لنفوذ آل المسيب العباديين تارة، ولنفوذ خفاجة أخرى، وقد جرت بين الطرفين معارك كثيرة ذكرنا بعضها فيما سبق، ووقع بعضها بعد زوال إمارة بني ثمال الخفاجيين، ومن أهم الوقائع بين عبادة وخفاجة:
1- وقعة سنة 499هـ
قال ابن الأثير:10/400 وما بعدها: ((وفيها جرت حرب شديد بين عبادة وخفاجة. وسببها أن رجلا من عبادة أخذ منه جماعة خفاجة جملين فجاء إليهم وطالبهم بهما فلم يعطوه شيئا، فأخذ منهم غارة أحد عشر بعيرا فلحقته خفاجة، وقتلوا من أصحابه رجلا وقطعوا يد آخر، وكان ذلك بالموقف من الحلة السيفية ففرق بينهم أهلها. فسمعت عبادة الخبر فتواعدت وانحدرت إلى العراق للأخذ بثأرها وساروا مع جماعة من أمرائهم فبلغت عدتهم سبعمائة فارس، وكانت خفاجة دون هذه العدة، فراسلهم خفاجة يبذلون الدية ويصطلحون فلم تجبهم إلى
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 66 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ذلك عبادة، وأشار به سيف الدولة صدقة فلم تقبل عبادة، فالتقوا واقتتلوا بالقرب من الكوفة، ومع عبادة الإبل والغنم بين البيوت فكمنت لهم خفاجة ثلاثمائة فارس، وقاتلوهم مطاردة من غير جد في القتال فداموا كذلك ثلاثة أيام، ثم إنهم اشتد بينهم القتال واختلطوا حتى تركوا الرماح وتضاربوا بالسيوف. فبينما هم كذلك وقد أعيا الفريقان من القتال إذ طلع كمين خفاجة وهم مستريحون فانهزمت عبادة وانتصرت عليهم خفاجة، وقتل من وجوه عبادة اثنا عشر رجلا ومن خفاجة جماعة، وغنمت خفاجة الأموال من الخيل والإبل والغنم والعبيد والإماء، وكان الأمير صدقة بن مزيد قد أعان خفاجة سرا، فلما وصل المنهزمون إليه هنأهم صدقة بالسلامة، فقال له أحد بني عبادة: ما زلت أقاتل وأضارب وأنا طامع في الظفر بهم حتى رأيت فرسك الشقراء تحت أحدهم فعلمت أنّهم أجلبوا علينا بخيلك، وأننا لا طاقة لنا بهم فنصروا علينا بمعونتك وفلونا بحدك، فلم يجبه صدقة)) (الكامل في التاريخ:10/400 - 402)
2 - وقعة سنة 500هـ.
بعد الهزيمة التي لحقت عبادة أعدت العدة للأخذ بثأرها من
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 67 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
خفاجة، ولم يطل الإعداد لهذه الحرب طويلا، فما حال الحول حتى كرت عبادة تريد الحرب، قال ابن الأثير في حوادث سنة 500هـ: 10/421 وما بعدها: ((في ربيع الأول كانت حرب بين عبادة وخفاجة ظفرت عبادة، وأخذت بثأرها من خفاجة. وكان سبب ذلك أن سيف الدولة صدقة أرسل ولده بدران في جيش إلى طرف بلاده مما يلي البطيحة ليحميها من خفاجة؛ لأنهم يؤذون أهل تلك النواحي، فقربوا منه وتهددوا أهل البلاد، فكتب إلى أبيه يشكو منهم ويعرفه حالهم، فأحضر عبادة وكانت خفاجة قد فعلت بهم العام الماضي ما ذكرناه، فلما حضروا عنده، قال لهم: ليتجهزوا مع عسكره ليأخذوا بثأرهم من خفاجة، فساروا في مقدم عسكره فأدركوا حلة من خفاجة من بني كليب ليلا وهم غارون لم يشعروا بهم، فقالوا: من أنتم؟ فقالت عبادة: نحن أصحاب الديون. فعلموا أنهم عبادة فقاتلوهم وصبرت خفاجة، فبينما هم في القتال إذ سمع طبل الجيش فانهزموا وقتلت منهم عبادة جماعة، وكان فيهم عشرة من وجوههم وتركوا حرمهم فأمر صدقة بحراستهن، وأمر العسكر أن يؤثروا عبادة بما غنموه من أموال خفاجة خلفا لهم عما أخذ منهم في العام الماضي.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 68 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وأصاب خفاجة من مفارقة بلادها ونهب أموالها وقتل رجالها أمر عظيم، وانتزحت إلى نواحي البصرة، وأقامت عبادة في بلاد خفاجة. ولما انهزمت خفاجة وتفرقت ونهبت أموالها جاءت امرأة منهم إلى الأمير صدقة، فقالت له: إنك سبيتنا وسلبتنا قوتنا وغربتنا وأضعت حرمتنا قابلك الله في نفسك وجعل صورة أهلك كصورتنا، فكظم الغيظ واحتمل لها ذلك، وأعطاها أربعين جملا)).
2- الصراع بين جناحي خفاجة على المكاسب
تألفت خفاجة من عشيرتين كبيرتين هما: كعب وحزن، قال ابن الأثير في اللباب في تهذيب الأنساب:3/102: ((خفاجة كلها كعب، وحزن))، وكان ثمة صراع على المكاسب والنفوذ بين هاتين العشيرتين مما أضعف ذلك الصراع القبيلة برمتها، والإسراع في تفرق صفوفها، ومن نماذج المعارك التي جرت بين الطرفين ما ذكره ابن الأثير في تاريخه في حوادث سنة 568، قال: ((وفيها أغار بنو حزن من خفاجة على سواد العراق، وسبب ذلك أن الحماية كانت لهم لسواد العراق، فلما تمكن يزدن -بن قماز أحد قادة الجيوش زمن المستنصر والمستضيء- من البلاد وتسلم الحلة أخذها منهم، وجعلها لبني كعب من خفاجة،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 69 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وأغار بنو حزن على السواد فسار يزدن في عسكر ومعه الغضبان الخفاجي وهو من بني كعب لقتال بني حزن، فبينما هم سائرون ليلا رمى بعض الجند الغضبان بسهم فقتله لفساده، وكان في السواد، فلما قتل عاد العسكر إلى بغداد، وأعيدت خفارة السواد إلى بني حزن)).
3 - تجهيز خفاجة لحرب المغول
كما ساهمت خفاجة في حروب أخرى غير الحروب العشائرية التي كانت سائدة بين قبائل العرب، فقد استغل بعض الزعماء السياسيين حمية القبيلة وانتمائها العربي لمواجهة الغزو المغولي، قال النويري في نهاية الأرب في حوادث سنة 621، ج30 ص90: ((وفيها: جهز السلطان -الظاهر بيبرس صاحب مصر- عرب خفاجة، وسير الخلع إلى كبراء العراق، وكتب إلى صاحب شيراز وغيره بالاغراء بهولاكو)).
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 70 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الفصل السابع : أبرز أعلام خفاجة
أولا: الصحابة والتابعون
1- ربيع بن معاوية بن خفاجة: أحد الوافدين على رسول الله صلى الله عليه وآله في وفد بني عقيل، ويظهر أنه كان يمثل بني خفاجة في هذا الوفد، إذ لم يرد ذكر خفاجي فيهم غيره، وقد كتب لهم رسول الله صلى الله عليه وآله كتابا أعطاهم بموجبه عقيق تمرة، ونص الكتاب: ((بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أعطى محمد رسول الله، ربيعا، ومطرفا، وأنيسا، أعطاهم العقيق ما أقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وسمعوا وأطاعوا)). (الطبقات الكبرى:1/302)
2- عبد الله بن جراد الخفاجي: صحابي، عداده في أهل الطائف، روى عنه ابن أخيه يعلى بن الأشدق. (انظر: أسد الغابة:3/132)
3- عمرو بن الخفاجي: صحب النبي صلى الله عليه وآله ، وهو ممن كتب إليه رسول الله صلى الله عليه وآله في قتال أهل الردة. (الإصابة:4/519)
4- كعب بن خفاجة بن عمرو بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 71 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
عامر بن صعصعة العامري العقيلي: جد توبة بن الحمير بن كعب الشاعر المشهور، له إدراك. (المصدر السابق:5/480)
5- كليب بن جزي بن معاوية بن خفاجة بن عمرو بن عقيل العقيلي: وقيل كليب بن حزن، روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله . قال أخذ منا رسول الله صلى الله عليه وآله من المائة جدعتين، وروى عنه يعلى بن الأشدق انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ((اطلبوا الجنة جهدكم، واهربوا من النار جهدكم، فان الجنة لا ينام طالبها، والنار لا ينام هاربها، ألا ان الآخرة اليوم محففة بالمكاره، ألا وان النار محففة بالشهوات)). (أسد الغابة:4/253 مختصرا)
6- معن بن يزيد الخفاجي: قال ابن الأثير في أسد الغابة:4/402: ((روي عن عقبة بن نافع الأنصاري، قال: غزوت مع عمر الصائفة، ومعنا معن بن يزيد الخفاجي من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله ، فنزل منزلا حين أشفينا على أرض العدو فقام في الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس إنا لا نريد ان نقسم الغنم ولا الطعام والعلف وأشباه ذلك، فخذوا منه ما أحببتم فقد أحللناه لكم)).
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 72 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ثانيا: العلماء
1- شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر المصري الحنفي، قاضي القضاة: ((وصاحب التصانيف في الأدب واللغة، نسبته إلى قبيلة خفاجة. ولد ونشأ بمصر، ورحل إلى بلاد الروم، واتصل بالسلطان مراد العثماني فولاه قضاء سلانيك، ثم قضاء مصر. ثم عزل عنها فرحل إلى الشام وحلب وعاد إلى بلاد الروم، فنفي إلى مصر، وولي قضاءا يعيش منه فاستقر إلى أن توفي سنة 1069 هـ.
من أشهر كتبه (ريحانة الألباء) ترجم به معاصريه على نسق اليتيمة، و(شفاء العليل فيما في كلام العرب من الدخيل) و( شرح درة الغواص في أوهام الخواص للحريري) و( طراز المجالس) و(نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض) أربع مجلدات، و(خبايا الزوايا بما في الرجال من البقايا) مجلد في التراجم، و(ريحانة الندمان) و(عناية القاضي وكفاية الراضي) حاشية على تفسير البيضاوي، ثماني مجلدات، و( ديوان الأدب في ذكر شعراء العرب) و(السوانح) و( قلائد النحور من جواهر البحور) في العروض، ومعه رسالتان له أيضا، هما (جنة الولدان) و(الكنس الجواري).
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 73 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وله شعر رقيق جمع في ديوان)) (الأعلام:1/238).
أقول: وهو من بيت علم وأدب في مصر يدعون بالعلاقمة، وهو أحد من رووا حديث الثقلين رواه في كتابه نسيم الرياض. (انظر: خلاصة عبقات الأنوار:1/311)
2- الشيخ باقر بن حبيب الحلي الخفاجي: شاعر، وخطيب وإمام مسجد في الشنافية، وله دواوين شعر بالعامية والفصحى منها: (تسلية الواله في ذكر النبي وآله) منظومة باللغة العامية الدارجة (حسچة)، و(خير الزاد ليوم المعاد في مدائح النبي وأهل بيته الأمجاد) باللغة الفصحى، وله في القريض أيضا (اللؤلؤ المنثور). (الذريعة الى تصانيف الشيعة:26/209 - 293)
3- الشيخ حسن بن مطر بن سحاب بن صالح الخفاجي، النجفي: ((عالم إمامي جليل، طويل الباع في الفقه والأصول. حضر الأبحاث العامة للعلمين: محمد حسين الكاظمي، ومحمد طه نجف، وبحثا خاصا (بمعيّة علي رفيش) على أستاذه الكاظمي. وتصدى للتدريس، فأخذ عنه سلمان بن كاظم الهدابي، ومنح إجازة اجتهاد للفقيه حسين بن محمد آل بزي العاملي . له كتابات كثيرة في الفقه والأصول، تلف بعضها وجمع الباقي منها ولده محمد جواد في كتاب سمّاه غاية المرام في
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 74 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
تحقيق الأصول والفروع من الأحكام)) (طبقات الفقهاء:14 - ق2/940)
4- الحسين بن عقيل بن سنان الخفاجي، الحلبي، المعدّل: ((كان أحد فقهاء الشيعة، أُصولياً. صنّف كتاباً في الفقه سمّاه: (المنجي من الضلال في الحرام والحلال)، في عشرين مجلدة. قال الذهبي في تاريخ الإسلام:35/175: ذكر فيه خلاف الفقهاء، يدلّ على تبحّره. توفّي سنة سبع وخمس مائة)) (انظر: المصدر السابق:6/85)
5- سلمان بن كاظم الهدابي الخفاجي، النجفي: ((فقيه إمامي، ملمّ بعلم التنجيم والطبّ اليوناني. تلمذ على جماعة من الفقهاء، منهم: عباس بن حسن كاشف الغطاء، وحسن بن مطر الخفاجي، ومحمود آل ذهب الظالمي. واتصل آخر أمره بالشيخ جعفر البديري، وجرت بينهما مباحثات في مسائل فقهية وغيرها. له شرح استدلالي على شرائع الإسلام في الفقه للمحقق الحلي في مجلدين ضخمين، وكتاب في الطب)). (المصدر السابق:14 - ق2/948)
6- الشيخ عبد الحسين بن حسن بن مطر بن سحاب الخفاجي النجفي: ((فقيه إمامي، عالم كبير، مجاهد معروف. تتلمذ في النجف الأشرف، وحضر على: محمد كاظم الخراساني، والسيد محمد كاظم
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 75 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
اليزدي. وانتقل إلى الناصرية، فقام مقام أبيه في الإمامة والإرشاد وسائر المسؤوليات. وكان في طليعة العلماء المجاهدين الذين لم يهدأ لهم بال، ولم يغمض لهم جفن في محاربة الاحتلال البريطاني للعراق، وله مواقف جبّارة في حركة الجهاد (1333 هـ) وفي ثورة العشرين (1338 هـ). وأقام في سامراء مدّة منفيّا لمشاركته في انتفاضة عشائر الفرات (1353 هـ) ضد الحكومة، ثم سمح له بالعودة إلى النجف، فمات بها)). (المصدر السابق:14 - ق2/955)
7- الشيخ عمران بن أحمد ابن عبد الحسين بن محسن آل دعيبل الخفاجي: النجفي، العالم الإمامي، الفقيه المجتهد، المتهجّد.
((ولد في النجف سنة سبع وأربعين ومائتين وألف، واجتاز بعض المراحل الدراسية، ثم حضر على الفقهاء: محمد حسين بن هاشم الكاظمي النجفي، والسيد محمد بن هاشم الهندي النجفي، وأحمد بن محمد المشهدي النجفي، والسيد محمد مهدي القزويني الحلي النجفي. ومهر في الفقه، وحاز ملكة الاجتهاد، وشارك في بعض العلوم. وتوجّه إلى بلدة الحيرة، فأقام بها مرشدا وموجّها ومرجعا للأحكام. وكان متهجّدا، كثير التلاوة للقرآن الكريم، سريع العبرة في
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 76 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
مصائب العترة.
ألَّف كتبا ورسائل، منها: كتاب في الفقه الاستدلالي في ست مجلدات، رسالة فتوائية، رسالة في تفسير بعض آيات القرآن المجيد، كتاب في الكلام والأصول الخمسة، كتاب في فضل أمير المؤمنين عليه السلام ، وكتاب في فضل زيارة الحسين عليه السلام ، والبكاء عليه، وزيارة سائر الأئمة عليهم السلام ، وغير ذلك.
توفّي في مدينة الكوفة سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة وألف، وله ابن فقيه، هو الشيخ موسى دعيبل المتوفّى 1387 هـ )). (المصدر السابق:14 - ق1/474)
8- عبد المنعم بن عبد الكريم بن أحمد بن عبد العزيز بن سنان الخفاجي المعروف بالقاضي الأسود: أبو يعلى القاضي، كان قاضيا في حلب، ذكره ابن العديم في بغية الطلب:4/1706.
9- الشيخ علي بن الشيخ محمد طة بن العلامة نصر الله الحويزي الخفاجي: عالم دين ومؤرخ له كتاب (تاريخ الحويزة ورجالاتها). (الذريعة:26/129)
10- الشيخ قاسم بن حمود بن خليل بن محمد علي بن حسن بن قسّام الخفاجي، النجفي: ((كان من علماء الإمامية الماهرين في الفقه
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 77 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
والحديث والرجال. ولد في النجف الأشرف سنة ثمان وستين ومائتين وألف، واجتاز بعض المراحل الدراسية، ثم حضر على أكابر المجتهدين مثل السيد محمد حسن الشيرازي، وحسين الخليلي، والسيد محمد كاظم الطباطبائي، وفتح اللَّه الشهير بشيخ الشريعة الأصفهاني، وعلي بن فتح اللَّه النهاوندي، والسيد محمد بن محمد تقي آل بحر العلوم النجفي.
وسافر إلى لبنان، فأقام هناك برهة من الزمن مرشدا ومبلَّغا، ثم كرّ راجعا إلى النجف، وانقطع للإفادة والاستفادة.
وتصدى للتدريس، فتتلمذ عليه جمع من روّاد العلم، منهم: السيد حسين ابن علي الحمّامي، وعبد الرسول بن شريف الجواهري، والسيد محسن الحكيم، وعبد الكريم بن حسين الزين العاملي، والسيد محمد الديواني، وعبد الكريم الماشطة، والسيدين أسد وحيدر ابنا السيد مهدي الحيدري، ومحمد آل سماكة.
وألَّف: كتاب نور العين في أحكام الزوجين، وحاشية على الرسائل في أصول الفقه للشيخ مرتضى الأنصاري، وكتابا في أحوال الإمام الحسن عليه السلام ، وكتابا في الأخلاق. وله مجموع اختاره من أشعار العرب.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 78 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
توفّي في النجف سنة إحدى وثلاثين وثلاث مائة وألف)). (طبقات الفقهاء:14 - ق1/495)
11- الشيخ محمد جواد بن حسن بن مطر بن سحاب بن صالح آل مطر الخفاجي، النجفي: ((كان فقيها إماميا، شاعرا، مؤلفا في فنون شتى. ولد في النجف سنة تسع وتسعين ومائتين وألف. ونشأ على أبيه الفقيه حسن (المتوفّى 1329 هـ)، واجتاز بعض المراحل الدراسية.
ثم حضر في الفقه والأصول والدراية على الأعلام: محمد كاظم الخراساني، وفتح اللَّه المعروف بشيخ الشريعة الأصفهاني، والسيد أبي تراب الخوانساري، ومهدي المازندراني .
وأكبّ على المطالعة والبحث والتأليف، ونال مكانة مرموقة في الأوساط العلمية. قال الخاقاني: اختلفت على ناديه زمنا طويلا، فكان من النوادي العلمية ذات الانتاج العلمي والحديث المثمر.
وللمترجم مؤلفات كثيرة تربو على الستين، منها: رفيع الدرجات في الفقه استدلالي، رقي الدرجات الرفيعة في الفقه استدلالي أيضا، أرجوزة في الصلاة سمّاها غرر الأحكام وجامعة الإيمان بعد الإسلام، نظام الإيمان في شرح أرجوزته «غرر الأحكام»، مختار الأحكام، نيل الطلبات في الفقه في جزءين، معظم الأحكام، غاية المرام في الفقه،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 79 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
شرح أرجوزة محمد علي بن حسين الأعسم في الأطعمة والأشربة، نضارة المعقول في شرح «كفاية الأصول» لأستاذه الخراساني، غاية المأمول في شرح «معالم الأصول» للشيخ حسن بن الشهيد الثاني، اختيارات الأصول، سبائك المقال في علم الرجال، جلوة الغريزة في إيضاح «الوجيزة» في الدراية لبهاء- الدين العاملي، الروض المونق في شرح تهذيب المنطق، استيناس الجليس في تمرين التدريس، مرآة العقول في موجبات المعقول، البيان الكافي الرفيع في علم البديع، نهج السالك على خلاصة ابن مالك، وديوان شعر سماه بديع القريض.توفّي في النجف سنة خمس وسبعين وثلاث مائة وألف)). (المصدر السابق:14 - ق2/647)
12- محمد بن سعيد بن يحيى بن الحسين بن محمد بن الربيع بن سنان الخفاجي: كان قاضيا في حلب (بغية الطلب:4/1706)
13- الدكتور محمود بن عبد الحسين البستاني: ولد في النجف الأشرف عام 1366هـ، وجمع بين الدراستين الحوزوية والأكاديمية، فتخرج من كلية الفقه ثم واصل دراساته العليا في القاهرة حتى حصل على الدكتوراه في النقد الأدبي، ليعود بعدها إلى النجف ويمارس مهماته العلمية والأدبية، نشر الكثير من نتاجاته الأدبية في الصحافة العربية،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 80 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وكان يميل في شعره إلى الرمزية والتجريدية، وهو بحق من أبرز شعراء المرحلة التي مارس فيها كتابة الشعر في النجف، ثم استقر في مدينة مشهد المقدسة عدة سنوات يدرس في إحدى كلياتها، وله نشاط في مجال التحقيق في مكتبتها الرضوية العامرة.
وله مساهمات طيبة في مجالات التفسير والأدب والتربية والاجتماع على ضوء المبادىء الإسلامية والمنهج القرآني. ومن مؤلفاته المطبوعة: الإسلام وعلم النفس، تاريخ الأدب العربي في ضوء المنهج الإسلامي، الإسلام وعلم الاجتماع، دراسات فنية في التعبير القرآني، دراسات فنية في القصص القرآني، في النظرية النقدية، المناهج النقدية في نقد المعاصرين، النقد الأدبي في العراق، التفسير البنائي للقرآن الكريم، أدب فاطمة الزهراء عليها السلام وكتب أخرى غيرها.
وقضى رضوان الله عليه عمره في تحصيل الكمالات العلمية والعبادية وخدمة وترويج قيم ومعارف مدرسة الثقلين حتى إلتحق بالرفيق الأعلى عن عمر يناهز السادسة والسبعين عاماً تغمده الله بواسع رحمته، وقد وافته المنية في مدينة قم المقدسة يوم الإثنين (9 ربيع الثاني 1432).
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 81 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
14- الشيخ مطر بن محمود الخفاجي: قال السيد الأمين في أعيان الشيعة: 10/129: ((ذكره في نشوة السلافة، فقال: كان نزهة الجليس وروض الأدب الأنيس، فمن مليح نظمه قوله في مدح موسى بن جعفر عليه السلام :
إذا ما دهاك الدهر يوما بمعضل * وأنزلت في واد من الهول مخطر
وحاطت بك الأهوال من كل جانب * عليك بباب الله موسى بن جعفر
15- موسى بن عمران بن أحمد بن عبد الحسين آل دعيبل الخفاجي، النجفي: ((فقيه إمامي، أديب، ذو سلوك عرفاني وسيرة سامية. تتلمذ على: السيد محسن الأمين العاملي، وعبد الهادي شليلة، ومرتضى كاشف الغطاء. وحضر الأبحاث العالية على: السيد محمد كاظم اليزدي، وأحمد بن علي كاشف الغطاء، وتصدى للتدريس، فتتلمذ عليه فريق من أهل العلم، له حواش على كتب التدريس، وشعر)). (طبقات الفقهاء:14 - ق2/1020)
16- الشيخ نافع بن الجوهري بن سليمان بن حسن بن مصطفى الخفاجي، التلباني المصري: ((كان فقيها شافعيا، أديبا، مشاركا في فنون عديدة. ولد في تلبانة (من قرى المنصورة بمصر) في حدود سنة
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 82 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
خمسين ومائتين وألف، وتعلَّم في قريته، والتحق بالجامع الأزهر، فتلقى العلوم على لفيف من العلماء كإبراهيم الباجوري، وإبراهيم السقا، ومصطفى البدري، ومحمد الأشموني، وعلي المبلط، ونور الدين المنوفي، وآخرين.
وجدّ واجتهد، وشغف بمطالعة الكتب، وعني بالأدب كثيرا. عاد إلى قريته، وأكبّ على المطالعة والتأليف ونظم الشعر، وصار من العلماء البارزين في إقليم الدقهلية، معوّلا عليه في الإفتاء هناك.
وضع مؤلفات كثيرة فقد معظمها، منها: مناسك الحج، الكواكب الدرية في المسائل الفقهية، نفحات العطر في زكاة الفطر، رسالة في التحليل وطلاق الثلاث والحرام، تهييج الأشواق في حكم الخلع والطلاق لم يتم، رسالة في صوم يوم الشك، الحكم المبرم في الفقه ومختصر الحكم، أرجوزة نصيحة الأخوان في أحكام النكاح على مذهب النعمان (مطبوعة) استلَّها من كتابه السر المكتوم والدر المنظوم في علوم المنطوق والمفهوم، رسالة تنوير الأذهان في علم البيان، مطالع الأفكار وتنوير الأبصار في المنطق، المقامة السعفانية، جواهر الكلم في منظوم الأمثال والحكم، العقد الفريد في التوحيد، السيرة النبوية،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 83 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ديوان خطب ومواعظ، وديوان شعر، وغير ذلك كثير، توفي سنةثلاثين وثلاث مائة وألف)). (المصدر السابق:14 - ق2/878)
ثالثا: الأدباء والشعراء
1- ابن خفاجة الأندلسي: أبو إسحاق، إبراهيم بن أبي الفتح بن عبد الله بن خفاجة الأندلسي، المولود بجزيرة شقر من أعمال بلنسية والمتوفى بها، كان مقيما بشرق الأندلس ولم يتعرض لاستماحة ملوك طوائفها مع تهافتهم على أهل الأدب، وله ديوان شعر أحسن فيه كل الإحسان. (معجم المطبوعات العربية:1/95).
أقول: لم أعثر على من نسبه في كتب التراجم الى قبيلة خفاجة، ولعل اسم جده الرابع (خفاجة) قد أوهم البعض أنه منهم. (انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء:20/51، كشف الظنون:1/765، هدية العارفين:1/9، الأعلام: 1/57، معجم المؤلفين:1/74، وفيات الأعيان:1/56، الوافي بالوفيات:6/55)
2- الأشهب بن عبيد الله بن كليب بن خفاجة: شاعر، له بيت من الشعر يهجو به قومه يدل على أن في خفاجة بطنا يسمى بني كليب، يقول فيه:
أناخ اللؤم وسط بني كليب * فصار لكلهم منه نصيب
(المؤتلف والمختلف للآمدي:46)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 84 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
3- الأغر بن أحمد بن عبد المنعم بن سنان: قال ابن العديم في بغية الطلب:4/1941: ((أبو الفضل، القاضي الحلبي، شاعر حسن الشعر، كان بعد الأربع مائة، وكان أحد قواد ناصر الدولة الحسين بن الحسن بن حمدان، وكان معه بمصر، وهو من بني القاضي الأسود عبد المنعم بن عبد الكريم ابن أحمد بن سنان الخفاجي، ومن أبياته المشهورة:
سهرت وأجفاني صحاح ولم أنم * ونامت ولم تسهر وأجفانها مرضى
ومن أجل ذاك السقم في جفن عينها * سهرت فلم أعرف رقادا ولا غمضا
فياليت هذا العرف لم يك بيننا * فأصبح لا حبا عرفت ولا بغضا
4- جابر بن حسل بن الرواغ بن مالك بن خفاجة: ذكره الآمدي في المؤتلف والمختلف ص172 في شعراء بني عقيل.
5- توبة بن الحمَّير بن حزم بن كعب بن خفاجة بن عمرو بن عقيل: ((أحد المتيمين صاحب ليلى الأخيلية، خطبها إلى أبيها فأبى أن يزوجه وزوجها في بني الأولغ، فكان يكثر زيارتها فشكوه إلى قومه فلم يقلع، فشكوه إلى السلطان فأهدر دمه إن أتاهم، فعلمت بذلك ليلى. ثم إن قومها كمنوا له في الموضع الذي يلقاها فيه، فلما جاء خرجت إليه سافرة حتى جلست في طريقه، فلما رآها سافرة فطن لما
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 85 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
أرادت فركب فرسه ونجا)) (فوات الوفيات:1/269).
قتل توبة بن الحمير سنة 85 هـ، قال أبو الفرج في سبب قتله فيما رواه عن أبي عبيدة مختصرا: ((كان توبة يغير زمن معاوية بن أبي سفيان على قضاعة وخثعم ومهرة وبني الحارث بن كعب. وكانت بينهم وبين بني عقيل مغاورات، فكان توبة إذا أراد الغارة عليهم حمل الماء معه في الرّوايا ثم دفنه في بعض المفازة على مسيرة يوم منها؛ فيصيب ما قدر عليه من إبلهم فيدخلها المفازة فيطلبه القوم، فإذا دخل المفازة أعجزهم فلم يقدروا عليه فانصرفوا عنه. قال: فمكث كذلك حينا، ثم إنه أغار في المرّة الأولى التي قتل فيها هو وأخوه عبد اللَّه بن الحميّر ورجل يقال له قابض بن أبي عقيل، فوجد القوم قد حذروا فانصرف توبة مخفقا لم يصب شيئا، فمرّ برجل من بني عوف بن عامر بن عقيل متنحّيا عن قومه، فقتله توبة وقتل رجلا كان معه من رهطه واطَّرد إبلهما، ثم خرج عامدا يريد عبد العزيز بن زرارة بن جزء بن سفيان بن عوف بن كلاب، وخرج ابن عمّ لثور بن أبي سمعان المقتول، فقال له خزيمة: صر إلى بني عوف بن عامر بن عقيل فأخبرهم الخبر. فركبوا في طلب توبة فأدركوه في أرض بني خفاجة، وقد أمن في نفسه فنزل،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 86 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وقد كان أسرى يومه وليلته، فاستظلّ ببرديه وألقى عنه درعه وخلَّى عن فرسه الخوصاء تتردّد قريبا منه، وجعل قابضا ربيئة له ونام، فأقبلت بنو عوف بن عامر متقاطرين لئلَّا يفطن لهم أحد، فنظر قابض فأبصر رجلا منهم فأقبل إلى توبة فأنبهه. فقال توبة: ما رأيت؟ قال: رأيت شخص رجل، فنام ولم يكترث له، وعاد قابض إلى مكانه فغلبته عيناه فنام. قال: فأقبل القوم على تلك الحال فلم يشعر بهم قابض حتى غشوه، فلما رآهم طار على فرسه. وأقبل القوم إلى توبة، وكان أوّل من تقدّم غلام أمرد على فرس يقال له يزيد بن رويبة بن سالم بن كعب بن عوف بن عامر بن عقيل؛ ثم تلاه ابن عمّه عبد اللَّه بن سالم ثم تتابعوا. فلمّا سمع توبة وقع الخيل نهض وهو وسنان فلبس درعه على سيفه ثم صوّت بفرسه الخوصاء فأتته، فلمّا أراد أن يركبها أهوت ترمحه، فلمّا رأى ذلك لطم وجهها فأدبرت، وحال القوم بينه وبينها. فأخذ رمحه وشدّ على يزيد بن رويبة فطعنه فأنفذ فخذيه جميعا. وشدّ على توبة ابن عمّ الغلام عبد اللَّه بن سالم فطعنه فقتله، وقطعوا رجل عبد اللَّه. فلمّا رجع عبد اللَّه بعد ذلك إلى قومه لاموه وقالوا له: فررت عن أخيك.... ثم إنّ خفاجة رهط توبة جمعوا لبني عوف بن عامر بن
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 87 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
عقيل الذين قتلوا توبة، فلمّا بلغهم الخبر لحقوا ببني الحارث بن كعب، ثم افترقت بنو خفاجة. فلمّا بلغ ذلك بني عوف رجعوا، فجمعت لهم بنو خفاجة أيضا قبائل عقيل، فلمّا رأت ذلك بنو عوف بن عامر بن عقيل لحقوا بالجزيرة الفراتية فنزلوها)) (الأغاني:11/145)
6- الرحال بن عزرة بن المختار بن لقيط بن معاوية بن خفاجة ابن عمرو بن عقيل: شاعر، ذكره ابن ماكولا في إكمال الكمال:4/30، وكان أخوه نجدة بن عزرة شاعرا أيضا. (المؤتلف والمختلف:168)
7- القحيف بن خُمَيِّر بن سليم الندى بن عبد الله بن عوف بن حزن بن معاوية ابن خفاجة ابن عمرو بن عقيل: قال أبو الفرج في الأغاني:24/243 مختصرا: ((شاعر مقلّ من شعراء الإسلام، كان معاصرا لذي الرمة ويتشبب بمحبوبته الخرقاء البكائية، وبقي حيا الى ما بعد وفاة يزيد بن الطثرية)).
8- ابن سنان الخفاجي: الأمير أبو محمد، عبد الله بن محمد بن سعيد بن يحيى بن الحسين بن محمد بن الربيع بن سنان بن الربيع: الشاعر الشيعي المعروف، صاحب سر الفصاحة في اللغة.
قال السمعاني في الأنساب:2/386: ((شاعر مفلق، كان يسكن
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 88 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
حلب، وشعره مما يدخل الاذن بغير إذن)). وقال ابن العديم:10/4682 مختصرا: ((إمام مسجد الغضائري داخل باب أنطاكية بحلب، كان في أيام سيف الدولة أبي الحسن بن حمدان، وكان سحر كل يوم ينزل من بيته إلى المسجد يصلي بالناس فيه))، ولم يكن ابن سنان شاعرا وبلاغيا فحسب، بل كان فقيها أصوليا حضر دروس الفقه والأصول على يد السيد الحسن بن أحمد بن علي بن المعلم الحلبي الفقيه الشيعي والأديب والشاعر المتكلم، تلميذ السيد أبي الصلاح الحلبي)). (بغية الطلب:5/2277)، ((وأخذ الأدب من أبي العلاء المعري الشاعر، وكان -ابن سنان- واليا على قلعة أعزاز ولاه عليها محمود بن نصر صالح المرداسي الكلابي، فاستبد بها، وكانت ولايته بواسطة أبي نصر محمد بن محمد بن النحاس، فامر أن يكتب إليه كتابا يؤنسه به ويستجلبه إلى حلب، ففعل، وكتب في آخر الكتاب إن شاء الله، وشدد النون.
فلما قرأ الخفاجي ذلك التفت إلى تشديد النون ففهم ما أراد، وكتب الجواب وفي أوله: انَّا الخادم، وشدد النون فعرف أبو نصر ذلك، وكان قصد أبي نصر إن الملأ يأتمرون بك، وقصد الخفاجي انا لن ندخلها، ثم
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 89 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
خير محمود أبا نصر بين قتله وبين ان يقتل هو الخفاجي، فذهب إليه أبو نصر وسمه، وذلك سنة 466 هـ.
وشعره يدل على أنه سافر إلى القسطنطينية، وعلى أنه سافر إلى مصر، وكان ذلك لمدح ناصر الدولة بن حمدان الثاني الذي ذهب إلى مصر وأقام بها.
وابن سنان شاعر مجيد متفنن في ضروب الشعر، عذب الألفاظ، طويل النفس، يعد شعره من السهل الممتنع، ويعد هو في طليعة الشعراء، وقد سابق فحولهم وحذا حذوهم فلم يقصر عنهم وجاراهم في ميدان الفصاحة والبلاغة فما سبقوه، وقد مدح الأمراء من بني مرداس، وبني منقذ، وبني ملهم، وبني حمدان المتأخرين فمدح ناصر الدولة الثاني منهم الذي كان في مصر، كما له شعر كثير في عقيدته الدينية، منها شعره في وصف أمير المؤمنين عليه السلام :
يا أمة كفرت وفي أفواهها * القرآن فيه ضلالها ورشادها
أعلى المنابر تعلنون بسبه * وبسيفه نصبت لكم أعوادها
تلك الخلائق بينكم بدرية * قتل الحسين وما خبت أحقادها
ويقول لناصر الدولة بن حمدان الثاني:
كنتم بصفين أنصار الوصي وقد * دعا سواكم فما لبَّوا وما نصروا
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 90 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
فهي الخلافة ما زالت منابرها * الى سيوفكم في الروع تفتقر))
(أعيان الشيعة:8 /71 وما بعدها مختصرا).
ومما يدل على تعلقه بآل البيت النبوي صلى الله عليه وآله ما رواه عنه ياقوت في معجم البلدان:2/186قال: ((جوشن: جبل في غربي حلب، ومنه كان يحمل النحاس الأحمر وهو معدنه، ويقال: إنه بطل منذ عبر عليه سبي الحسين بن علي عليه السلام ، ونساؤه، وكانت زوجة الحسين حاملا فأسقطت هناك فطلبت من الصناع في ذلك الجبل خبزا وماء فشتموها ومنعوه، فدعت عليهم، فمن الآن من عمل فيه لا يربح، وفي قبلي الجبل مشهد يعرف بمشهد السقط ويسمى مشهد الدكة، والسقط يسمى محسن بن الحسين عليه السلام )).
9- عتبة بن معاوية بن كعب (ذو القرح): شاعر، ذكره ابن الكلبي في جمهرة النسب ص339.
10- كعب الأصغر بن خفاجة: ذو القرح، قال الآمدي له شعر في كتاب بني عقيل. (المؤتلف والمختلف:158)
11- مضرب بن هوذة بن خالد بن معاوية بن خفاجة العقيلي: شاعر فارس، ذكره ابن ماكولا في إكمال الكمال:7/258، والآمدي في المؤتلف والمختلف ص257.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 91 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
12- معاذ بن كليب بن حزن بن معاوية بن خفاجة: أعشى بني عقيل، شاعر، فارس، كان يغاور بني الحارث بن كعب، وتشير أبيات له على أنه ممن شهد وقعة سحبل (النخيل) بين بني عقيل وبني الحارث بن كعب، يقول فيها:
تمنيت أن تلقى معاذا بسحبل * ستلقى معاذا والقضيب اليمانيا
سنقتل منكم بالقتيل ثلاثة * ويغلى وقد كانت دماءا غواليا
(المؤتلف والمختلف للآمدي:28)
رابعا: القادة والأمراء
ومن القادة والأمراء الخفاجيين غير بني ثمال، الذين ذكرنا ترجمة لهم في الفصل الثالث.
1- إبراهيم بن عاصم الخفاجي: كان أميرا على سيستان زمن هشام بن عبد الملك، ثم ولي قنَّسرين زمن الوليد بن عبد الملك، وفي سنة 118 هـ غزا بلاد الروم مع الوليد بن القعقاع العبسي. (انظر: تاريخ الطبري:5/443، وتاريخ سيستان:127، وجمهرة النسب:338)
2 - الحسين بن فلاح أو ملاح: أحد أمراء خفاجة في العراق، وكان له دور سياسي واجتماعي كبير أوائل القرن السابع الهجري، قال الذهبي في تاريخ الإسلام في حوادث سنة 660هـ: ((وفي ربيع الآخر
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 92 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
قدم القاهرة الحاكم بأمر الله ومعه ولده وجماعة، فأكرمه الملك الظاهر وأنزله بالبرج الكبير... وقصد -أي الخليفة العباسي- حسين بن فلاح أمير بني خفاجة، وأقام عنده مدة))
وقال النويري في نهاية الأرب:30/99: ((وفي جمادى الآخر من سنة 662، بلغ السلطان -الظاهر بيبرس سلطان مصر- أن جماعة من عسكر شيراز وصلوا لقصد الخدمة الشريفة، فأمر بالإحسان إليهم. ووصلوا في ثالث شهر رجب ومقدمهم بكلك ورفقته وهم: سيف الدين اقبار جمدار، السلطان جلال الدين خوارزمشاه، والأمراء الأتابكية غلمان أتابك سعد منهم: سنقر جاه وغيره من الأتابكية. ووصل صحبتهم حسام الدين بن ملاح أمير العراق وجماعة من أمراء خفاجة، فتلقاهم السلطان وأحسن إليهم، وأمر الأمير سيف الدين بكلك وأعطاه طبلخاناه، وكذلك أمراء خفاجة، والأمير مظهر الدين وشاح بن سهري، وأطلق لحسين ابن ملاح قرية في الشام، وجهزهم إلى بلادهم)).
3- زياد بن عبيد الخفاجي: من أمراء خفاجة زمن الناصر لدين الله، وقد خلع عليه في الديوان العزيز، وسلمت إليه حماية البلاد الفراتية فمضى مخلوعا عليه، وحضر عند جمال الدين قشتمر الناصري بالحلة مظهرا للتعزز بخلعة الديوان العزيز، وتوفي سنة 596 ه /
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 93 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
1199م. (مستدركات أعيان الشيعة:5/81)
4- سرايا بن منيع: عده زامباور في معجم الأسرات الحاكمة ص210 في قائمة أمراء خفاجة، وتبعه على ذلك فؤاد السيد في مؤسسو الدول الإسلامية ص300 ، ولم يذكروا أخوه رجب بن منيع أصلا، مع أن نصوص المؤرخين صريحة بذكر رجب كأمير لبني خفاجة كما مر ذلك في الفصل الثالث، ومن المحتمل أن إمارة خفاجة كانت لرجب، وأن أخوه سرايا كان قائدا للجيوش فقط، ولعلهم فهموا كونه أميرا لخفاجة من تعبير ابن الجوزي في المنتظم:16/52 بمتقدم خفاجة، قال في حوادث سنة 451، في ذكر الحرب بين البساسيري -أرسلان بن عبد الله، من قادة الدولة العباسية ثم صار داعية للحكام الفاطميين في بغداد- وطغرلبك السلجوقي: ((...فلما نزل الخليفة (العباسي) خدمه السلطان (طغرلبك) واستأذنه في المسير وراء البساسيري، فأذن له، فانصرف وعبر إلى معسكره، فجاءه سرايا ابن منيع متقدم بني خفاجة، فقال له: الرأي أيها السلطان أن تنفذ معي ألفي غلام من العسكر حتى أمضي إلى طريق الكوفة، فاشغل البساسيري عن الإصعاد إلى الشام، ويأخذه من عرقوبه لما تنحدر أنت وراءه، فلم يعجب السلطان ذلك، إلا أنه خلع عليه وأعطاه سبع مائة دينار وأنزل في العسكر)). (وانظر: الكامل في التاريخ:9/649 حوادث سنة 450هـ).
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 94 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ثم اشتركت خفاجة بقيادة سرايا بن منيع في المعركة التي قتل فيها البساسيري، قال ابن خلدون:3/465: ((ثم أرسل السلطان طغرلبك خمارتكين في ألفين إلى الكوفة، واستقر معه سرايا بن منيع في بني خفاجة، وسار السلطان طغرلبك في اثرهم فلم يشعر دبيس -الأسدي صاحب الحلة- وقريش -بن بدران العقيلي صاحب الموصل- والبساسيري وقد كانوا نهبوا الكوفة الا والعساكر قد طلعت عليهم من طريق الكوفة، فأجفلوا نحو البطيحة وسار دبيس ليرد العرب إلى القتال فلم يرجعوا، ومضى معهم ووقف البساسيري وقريش فقتل من أصحابهما جماعة، وأسر أبو الفتح بن ورام ومنصور بن بدران وحماد بن دبيس، وأصاب البساسيري سهم فسقط عن فرسه وأخذ رأسه))، فمن المحتمل أنه كان قائدا لعساكر القبيلة، وأن الإمارة كانت لأخيه رجب.
5- سلَّام بن محمد سليمان بن فايد: أحد زعماء خفاجة في صعيد مصر، قال ابن تغري بردي في النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة:12/139، في حوادث السنة الخامسة من سلطنة الظاهر برقوق: ((توفي الأمير سلاَّم ابن محمد سليمان بن فايد المعروف بابن التركية، أمير خفاجة من الصعيد في سابع شهر ربيع الآخر، وكان من أجل أمراء العرب)).
6- الأمير عامر الخفاجي: أول من أشتهر منهم في التأريخ
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 95 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الإسلامي، الملقب بسلطان العراقيين، وكان قصره الأخيضر -بين كبيبسة وكربلاء-، وقد هاجر ولده ضرغام بن عامر إلى سوريا، وأستقر في (مسكنة) وهي بعيدة عن حلب 80 كم وتزوج ابنة أميرها. (مذكرات مجاهد الخفاجي)
-------------------------
2 قبيلة خفاجة